للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عجيب لعمري أن يظل هذا النقص دون أن ينهض من الكتاب من يسد ثغرته، وإذن فقد ملأ هذا الكتاب الذي نحن بصدده فراغا شاسعا وأكمل نقصا معيبا شعر به المؤلف الفاضل الأستاذ فؤاد حمزة، وشعرنا به جميعا، فقد حمله على وضع كتابه هذا شعوره (بنقص خزانتنا العربية وافتقارها إلى مؤلف جامع لأحدث المعلومات الجغرافية والطبيعية والاجتماعية عن البلاد العربية، وحاجة الجمهور إلى مرجع حديث، سهل التناول، يجمع ما تفرق من المعلومات العامة في الكتب العربية القديمة، وكتب المستشرقين والرواد الأوروبيين مما لا وجود له في اللغة العربية. والحقيقة أن جميع الذين يعنون بالشئون العربية ويتبعون تاريخ التطورات الحديثة والنهضات الوطنية في بلاد العرب، يشعرون بهذه الحاجة، ويدركون الصعوبات الجمة في التنقيب في بطون الكتب العديدة، عن معلومات مبعثرة هنا وهنالك في طيات الصحف القديمة أو ثنايا التفاصيل المملة التي يسردها الرواد في سياق رحلاتهم)

قرأت هذا السفر الجليل، فألفيته صورة قوية رائعة للبلاد التي كتب من أجلها، وهو يقوم على أثاث متين من الأسلوب العلمي الصحيح، يبدأ البحث بالبيئة الجغرافية فيتناول أطرافها جميعاً بالدراسة والتحليل، ويصف لك في أطناب سطح البلاد العربية ومناخها، في أسلوب لا يصدمك فيه جفاف الحقائق العلمية، بل يخيل إليك وأنت تتلو هذه الصفحات أنك تستمع لرجل يحدثك حديثاً عذباً عن بلاد جاس خلالها وارتحل بين أرجائها، وأن كنا نأخذ على المؤلف في هذا القسم الجغرافي بعض الهنات الهينات، التي ما كنا لنذكرها لولا رغبتنا الصادقة في أن يبلغ هذا المؤلف حد الكمال، ومن أمثلة ذلك أنه يعلل جفاف الإقليم بانخفاض السطح (وعدم وجود الجبال العالية التي تمسك الأبخرة وتحتفظ بها لتتبرد وتنهمل مطراً إلا في الجهات الغربية منها) والواقع أن جفاف شبه الجزيرة يرجع إلى وقوعها في مهب الرياح التجارية التي تفد من الشمال الشرقي جافة لا تنزل المطر. هذا وقد جعل المؤلف عنوان الفصل السابع من هذا القسم (الحرارة والمناخ) كأن الحرارة ليست جزءاً من المناخ! وقد جاء في صفحة ٦٠ هذه العبارة (رياح المونسون) وقد كان أجدى أن تذكر بما عرفت به في الكتب العربية وهو الرياح الموسمية.

ثم ينتقل بك إلى القسم الثاني من الكتاب وهو تصوير دقيق لحياة السكان في تلك البلاد،

<<  <  ج:
ص:  >  >>