وقد بدأت اليابان فعلا بتطبيق هذه السياسة منذ ثلاثة اعوام فوضعت خطتها للاستيلاء على منشوريا وتذرعت لذلك الفتح باعتداء العصابات الصينية على المنطقة اليابانية والسكة الحديدية الشرقية التي تضع يدها عليها واضطرارها إلى حماية المصالح اليابانية والرعايا اليابانيين من ذلك الاعتداء الذي عجزت عن قمعه السلطات الصينية. وحوادث فتح اليابان لمنشوريا ما زلت ماثلة في الأذهان فلسنا بحاجة إلى تفصيلها. غير انا نذكر في هذا المقام فقط اليابان ابدت منذ البداية عزمها احتلال منشوريا وامتلاكها فعلا، ولم تحفل بتدخل عصبة الامم لتلبية نداء الصين، ولم تقف لحظة عند أي القرارات التي اصدرتها العصبة لحسم النزاع كانتداب لجنة للتحقيق، والتوصية لوقف القتال، واعادة الحالة إلى ما كانت عليه؛ بل لبثت اثناء اشتغال العصبة بهذه الازمة الخطيرة ماضية في غزو منشوريا وافتتاحها حتى اتمت خطتها العسكرية، واستخلصت اقليم منشوريا كله، ثم انتهت بأن ضاقت بتدخل عصبة الامم، فأنسحبت منها لتكون حرة طليقة اليد والتصرف. ولم تقف اليابان عند افتتاح منشوريا بل هاجمت اثناء ذلك شنغهاي اعظم الثغور الصينية بحجة الاعتداء على بعض رعاياها واحتلت وكادت تنفذ إلى الداخل لولا ما ابدته الحكومة الوطنية الصينية من مقاومة شديدة وما انذرت به الدول من التدخل؛ ثم عادت فغزت اقليم شهلي شمال بكين، واحتلت عدة من قواعد واجتازت السور الكبير. كل ذلك لترغم الصين على الاعتراف بمركزها في منشوريا. وانتهت اليابان بأن جعلت منشوريا دولة جديدة بأسم دولة (منشوكيو)، واقامت عليها هنري بوي امبراطور الصين المخلوع، اولا رئيسا لجمهورية منشوكيو ثم امبراطور لها، وتم بذلك استيلاء اليابان على اعظم الاقاليم الصينية الشمالية واغناها، فإذا ذكرنا ان اليابان تملك من اراضي الصين شبه جزيرة كوريا وثغر تياتسين وما إليه، وبورت ارثر وتسنج تاو، وتحتل مناطق كبيرة في اقليم شانصي، استطعنا ان نقدر إلى أي حد بلغت اليابان في توسعها في الصين.
موقف الدول
وقد قلنا ان موقف الدول ازاء السياسة اليابانية الجديدة لم يتضح بعد، ولم يتخذ بعد صبغة رسمية. ولكن الذي لا ريب فيه هو ان الدول التي لها في مياه الشرق الاقصى وفي الصين