للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المدرسة ويكونون مسئولين أمامه بدلاً من أن يكونوا نائبين عن الجماعة.

وهنا يحسن بك أن تسألني عن كنه الحكم الذاتي لأقول لك إنه تخويل جماعة من التلاميذ سلطة كاملة لمباشرة شئون حياتهم المدرسية كلها أو بعضها

وهذا الحكم الذاتي لم يصطنع عبثاً، بل لتحقيق أغراض يُرجى تحقيقها من ورائه.

فمن هذه الأغراض تنمية القدرة على التعاون - نحن نعرف أن للتعاون أهميته العظمى في الدول الديمقراطية، بل وفي ذلك المحيط الفسيح الذي نسميه بالمجتمع الكبير والذي نحن جميعاً أبعاض منه. وإن المجتمع الحديث مدين بتقدمه بل وباستمرار وجوده لهذا التعاون الذي يربط بين أفراده بعضهم وبعض.

ومن هذه الأغراض تدريب التلاميذ تدريباً عملياً على أن يكونوا مواطنين مستنيرين، فإن دروس علم الحكم المدني لا يمكن أن تغني هذا التدريب العملي بحال ما. فالكتب لا تستطيع بحال ما أن تطلعنا على دقائق آلة العمل الحكومية أو على الطريقة التي تدير بها الأعمال، وإنما نطلّع على كل هذا بالتجربة وبالتجربة فقط

وهناك غرض ثالث هو قي الحقيقة غرض علاجي. بيان ذلك أن هناك أطفالاً ينزعون إلى أن يشعروا المجتمع بوجودهم وإلى أن يحملوا على الاعتراف بأهمية هذا الوجود، فإذا لم يجد نزوعهم هذا متنفساً يخرج منه إلى عالم الواقع والحقيقة فإنه يتحول إلى عقدة نفسية تحمل هؤلاء الأطفال على أن يقفوا من قوانين المجتمع موقف العداء، وبذلك تكون حياتهم العاطفية صراعاً مشتجراُ بينهم وبين أولى الأمر. وعلى ذلك فيجب أن يوحي إلى هؤلاء المتمردين على المجتمع أن القانون ليس جماعاً من أوامر ونواها تملي عليهم وتُفرض، وإنما هو وسيلة تصطنع لتحقيق مثل عليا يطمح إليها أفراد المجتمع ويشاركونهم هم في هذا الطموح. وليس كالحكم الذاتي وسيلة لغرس هذا في نفوس هؤلاء المتمرِّدين

فهذه أغراض ثلاثة رئيسية يرجى تحقيقها عن طريق الحكم الذاتي: وهناك أغراض أخرى ثانوية يصح أن نذكر بعضها. فمن هذه الأغراض الثانوية تدريب التلاميذ على ضبط النفس، وذلك لأن في تدبيرهم لأمورهم المدرسية تقوية لعزيمتهم وشحذا لإرادتهم، ولابد لضبط النفس من قوة في العزم ومضاءٌ في الإرادة

ومن هذه الأغراض الثانوية أيضاً تقوية إحساس التلاميذ بقيمة النظام وأهميته. ومنها كذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>