للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الصين الوسطى والجنوبية نفوذ عظيم منذ اعوام، وكانت اليابان من انشط الدول لمحاربته والقضاء عليه، والخصومة الروسية اليابانية قديمة في الشرق الاقصى، وترجع بالاخص إلى حرب سنة ١٩٠٤ التي هزمت فيها روسيا أمام اليابان وفقدت بورت ارثر ثغرها الممتاز في الصين؛ وهي اليوم اشد ما تكون اضطراما. ولا تخفى حكومة موسكو انزعاجها من السياسة اليابانية الجديدة، واستعدادها لمقاومتها وحماية النفوذ والمصالح الروسية في الشرق الاقصى بكل ما وسعت.

موقف الصين

ثم هنالك الصين، وهي المقصود بتطبيق السياسة اليابانية الجديدة. وقد لبثت الصين مسرحاً للفتن والحرب الأهلية زهاء ربع قرن، والدول الغربية اثناء ذلك تعمل على انتهاز الفرص لتوسيع نفوذها ومصالحها، واليابان تجاريها في انتهاز الفرص. فلما اشتد التنافس بين الدول على استغلال الحوادث الصينية، عقدت فيما بينها معاهدة واشنطون سنة ١٩٢٢ (معاهدة الدول التسع) لكي تضع حدا لهذا التنافس أو بعبارة اخرى لكي تنظمه، وقطعت الصين بعد ذلك ستة اعوام اخرى في غمار من الحروب الأهلية الطاحنة حتى قامت الحكومة الوطنية اخيراً (حكومة نانكين) لتوحد كلمة الصين إلى حد ما، ولتعمل على صون استقلال الصين والحد من التوسع الاجنبي. وقد بذلت الحكومة الوطنية في هذا السبيل جهوداً لا بأس بها، ولكن اختلاف الزعماء والقادة كان دائما يشل من هذه الجهود، ويفتح الباب لدسائس الدول الاجنبية وعدوانها المستتر بصور واساليب شتى، ولو كان الانذار الياباني متعلقاً بوقوف اليابان فقط في وجه المطامع الاجنبية في الصين، لما كان للصين كبير اعتراض عليه؛ ولكن اليابان لا تقف كما قدمنا عند هذه الناحية السلبية من سياستها الجديدة، وإنما تقرنها بادعاء حق الاستئثار بالتوسيع في الصين، وتقوم بتنفيذ هذه السياسة بطريقة فعلية منظمة منذ ثلاثة اعوام، اعني منذ غزوها لمنشوريا، ومعنى ذلك أن اليابان تريد أن تستأثر بفريستها - الصين - دون باقي الدول وأن تترك هذه الفريسة أمامها وجها لوجه؛ وليس بعيدا ان تكون اليابان قد وضعت خطتها لافتتاح الصين كلها والاستيلاء عليها اقليماً فأقليماً، وخوض معركة الحياة والموت مع الغرب والاستعمار الغربي.

ولا ريب ان الصين تنكر هذه السياسة ايما انكار، وسوف تقاومها بكل ما وسعت حسبما

<<  <  ج:
ص:  >  >>