إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجده يرفع ذا القرنين إلى مصاف المؤمنين، في حين أن الإسكندر الأكبر كان وثنياً يدّعي أنه ابن الإله آمون، وأوصى بأن يدفن بعد موته بمعبد آمون بسيوة. وكان متهتكاً يميل إلى الفجور وشرب الخمر وكان ذلك سبب وفاته. وكانت جثته تعبد بعد موته. فلا يعقل أن يكون هو ذا القرنين الذي يقول فيه القرآن الكريم:(قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا. وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى). والآية الكريمة التي تقول:(حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة) تنطبق على الملك كورش الذي أتجه غرباً وفتح بلاد الفينيقيين بسورية حتى بلغ البحر الأبيض المتوسط (فوجد الشمس تغرب فيه). أما سد يأجوج ومأجوج فالذي أقامه هو الملك كورش أيضاً وهو الآن في موضع اسمه (دريند) ومعناها السد، وهو أثر سد قديم بين الجبال في بلاد التركستان في وسط آسيا. ويروى الرواة في تلك البلاد أنه كان خلف هذا المكان قديماً قبيلتان: إحداهما تسمى ياقوق والأخرى ماقوق. ولقد غار السد بفعل الزلازل. وهذا يفسر قوله تعالى:(فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء). ومن نسل يأجوج ومأجوج كانت جيوش تيمورلنك وحفيده هولاكو الذين خربوا بغداد وأسقطوا الدولة العباسية.
من هذا نرى أن الإسكندر ليس ذا القرنين، وعلى ذلك ليس من العدل أن نلصق به هذا اللقب بالإكراه. وإذا كان ولابد أن نجعل له قروناً فلا مانع من تسميته بذي القرن الواحد.
الدكتور إبراهيم الدسوقي
حول تراث بني إسرائيل
قرأت ما كتبه الأستاذ الساكت رداً على تخطئتي للمفسرين في تراث بني إسرائيل، فوجدته يؤيد ما ذكروه من رجوع بني إسرائيل إلى مصر بأن الألوسي رأى في بعض الكتب أنهم رجعوا مع موسى وبقوا معه بمصر عشر سنين، بأن صاحب كتاب الأصول البشرية ذكر أن موسى بعد أن هزم فرعون مصر الذي فر إلى بلاد الحبشة حكم مصر ثلاث عشرة سنة، وبأن المتبادر من قوله تعالى:(ويستخلفكم في الأرض). وقوله:(قلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض). وقوله:(وأورثناها بني إسرائيل) أنهم رجعوا إلى مصر