الطلاب ولا إلى الأساتذة، فإن هؤلاء جميعاً خاضعون لنظام يظلهم وتوجيه يوجههم. ولا يمكن أن يرجع إلى المناهج، لأن المناهج في جملتها قوية صالحة لتخريج نوابغ من العلماء في الفقه والتشريع وفي غير الفقه والتشريع) وإنما يرجع إلى أن الإصلاح لم ينفذ بالروح التي وضع بها، ولم يتعهد حتى يؤتي ثماره، ولم يتهيأ له ما ذكره فضيلة الأستاذ الأكبر في مذكرته الإصلاحية حيث يقول:
(يجب أن تكون الخطوة إلى ذلك الإصلاح خطوة جريئة يقصد بها وجه الله تعالى، فلا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ، وقد قرنت كل الإصلاحات العظيمة في العالم بمثل هذه الضجة)
ويقول فضيلة الأستاذ المحاضر:(وإلى أن تحدث هذه الخطوة الجريئة التي يقصد بها وجه الله، ولا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ سيبقى الأزهر في عزلته عن الأمة، لا يسعفها بحاجتها، ولا تقدره في وجوده ولو سُنّ له ألف قانون!)
أما بعد:
فهذه هي المحاضرة التي وعدتكم بها - أيها القراء - كمثال من أمثلة الظاهرة الجديدة التي ظهرت في الأزهر هذا العام، وقد تبينتم منها حالة الأزهر الواقعية، وسياسته التوجيهية، ولو كان فضيلة الأستاذ الأكبر لا يعلم، أو كان مع علمه لا يرى أن يعمل، أو كان مع عزمه لا يقدر، لكان الأمر مفهوماً؛ ولكن فضيلته يعلم هذه الحالة حق العلم، ويعترف بها في أحاديثه وكتبه الرسمية، ويعد من يكلمه فيها بأنه سيتداركها ويسرع إلى إنقاذ الأزهر من سوء مغبتها، وهو مع ذلك كله مالك لأمره غير مغلوب عليه، تحترمه الأمة والحكومة ويعطف عليه المليك حفظه الله. أليس هذا موقفاً تحار فيه العقول؟ وهل يطلب منا أن نقول فيه كما يقول الراسخون في العلم عن المتشابه:
(آمنا به كل من عند ربنا)
لا. لا، ولكنا نقتبس ما اقتبسه الأستاذ الزيات حين نشر مذكرة فضيلته في إصلاح الأزهر فنقول:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا