صمت الليل
ثم نفترق، فمتى نلتقي، يا روحاً لا يحيا بدونه روحي؟
للوجود كله غِناء، ولنا وحدنا غناء، وروحك هو غَريد البلبل، وحفيف النسيم، وهدير الموج، وعربدة الكهرباء
ثم نفترق وقد تحيرنا بين النور الأحمر والأزرق، وهذه إشارة لا يفهمها غير أسارى هذين النورين في (دار الوجد والمجد)، عليها أطيب التسليمات!
فمن فاته أن يعرف سر هيامي بوطني فليقرأ هذه السطور بروحانية وإخلاص
الإسكندرية هي المثال المصوِّر لسرائر النعماء، ومن لم يزر الإسكندرية فليس من حقه أن يزعم أنه عاش لحظةً من زمان
ولي في الإسكندرية دارٌ تشكو جفائي، ولم أكن من الجافين، دارٌ أساورها بلا استئذان حين أريد، كأنها دار الهوى في سنتريس أو بغداد أو باريس
في الصبح قرأت مقالاً في جريدة الأهرام عن إيطاليا بعد ثلاث سنين، وفي الظهر قرأت مقالاً في جريدة الريفورم عن إيطاليا بعد ثلاث سنين، فتذكرت أني عرفت تلك الروح في اليوم الذي أعلنتْ فيه إيطاليا الحرب قبل ثلاث سنين
وما أبعد الفرق بين إيطاليا وبيني!
مرَّت بها موجاتٌ هزمتها، ومرت بي موجات نصرتني
أفي الحق أننا لم نتعارف إلا قبل ثلاث سنين؟
أنت يا جِنِّية الشاطئ رفيقة روحي منذ أزمان وأجيال، وأنت مُناي من الهوى قبل أن يتنفس صبح الوجود
لابد للإسكندرية من حبيبين، فلنكن هذين الحبيبين، ولتفرح بنا الإسكندرية فرح الأليف بالأليف
يا مثال الحُسن ومثال اللطف، ويا ريحانةً مطلولة في صباح من أصبحة آذار!
يا تلك الروح في تلك المدينة، تذكري ثم تذكري، تذكري (سبعة أَبحُر) في لغة العراق و (سبعة أرادب) في لغة السودان، وتذكري الأبيات التي أمليتها عليك من لغة الفرنسيس. والى اللقاء في شِعاب الوجدان