للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن دأبت في القراءة والبحث وأهملت أمر الزمن طال أو قصر انتهى بك الزمن إلى يوم يكون تاريخاً لمجدك، وثواباً لجدك، والسلام عليك ورحمة الله.

(الرافعي)

(المنصورة)

محمود أبو ريه

معنى قوله تعالى: يخرج الحي من الميت

إن الله تعالى جعل أساس الخلقة في مختلف أنواع الحيوان والنبات هو حفظ النوع. ولحفظ النوع يجب أن تتوافر جملة عوامل أهمها المحافظة على الجنين حتى ينمو ويقوى، ومنها إيجاد نسل قوي يصلح لهذه المحافظة وهذا النمو. وهذان العاملان جليان في الحيوان - أما في النبات فيحتاج الأمر إلى بعض الشرح. فخذ مثلاً شجرة النبق تجد أن ثمرتها فاكهة صغيرة داخلها نواة تحتوي على جزأين أحدهما غلاف صلب متين يحتاج في كسره إلى مجهود، والجزء الآخر داخل هذا الغلاف الصلب وهو حبة صغيرة مستديرة هشة ضعيفة تسمى الجنين؛ وهذا الجنين وما يحيط به من غلاف صلب متين يشابه الجنين في بطن أمه في عالم الحيوان؛ لأن الله تعالى خلق حوله هذا الغلاف للمحافظة عليه من يد عابث أو أسنان آكل أو أن تهضمه معدة الطيور إذا ابتلعته لأنه لا يتأثر بعصيرها الهضمي. أما الحكمة في خلق الجزء الفاكهي فهي تبادل المنفعة، فيأكله الآكل هنيئاً ثم تنتفع النواة من هذا الآكل بإلقائها في الأراضي النائية لتنبت فيها، وكذلك الطيور تبتلعها ثم تتبرز النواة سليمة في جهات نائية لتنبت فيها؛ وهذا سر من أسرار الكون، لأنه إذا سقط كل حب الشجرة تحت غصونها وحول جذعها ولم يفرق بهذه الطريقة الحكيمة هنا وهناك فإنه يتراكم بعضه فوق بعض ويفقد قوة إنباته، وإذا نبت البعض منه فإنه ينبت ضعيفاً إلى حين ثم يموت

ولنفكر فيما يحدث في هذه الثمرة الصغيرة بعد أن تنزع من الشجرة؟ الذي يحدث هو أن يموت بها الجزآن: الفاكهة وغلاف النواة الصلب، ويفقدان الخواص الحيوية كالإنبات والتمثيل الضوئي وامتصاص الغذاء وما إلى ذلك، بدليل أنهما إذا وضعا في الأرض

<<  <  ج:
ص:  >  >>