وأول من فكر في إقامة خزان أسوان هو الحسن بن الهيثم، وهو عربيٌّ وَفَد على مصر من العراق منذ نحو عشرة قرون، ولعلهُ يمنيُّ الأصل
واليمنيون هم أقطاب الفاتحين لجُزر البحر الهندي، ولهم أيادٍ في مد لغة العرب إلى الهند والصين
والظاهر أن التنافس بين أبناء الجزيرة كان له صدىً في العالم القديم، فكان أبناء الشمال وهم الفينيقيون يهتمون بتحضير أوربا الشرقية، وكان أبناء الجنوب وهم الحضرميون يهتمون بتحضير آسيا الغربية، ومن هذا الجهاد وذاك رسخ السلطان الحضري لعرب ذلك الزمان
والمفهوم أن قصة السندباد البحري هي أغرب قصة روتها السياحات البحرية، ولعلها أظرف وألطف من بعض قصص الإغريق، فهل تكون إلا من إنشاء حضرمي مفطور على مقارعة الأمواج فوق ألواح هي بالنسبة إلى بواخر اليوم خيوط من العنكبوت؟
وهنا لطيفة من اللطائف لم يتحدث بها متحدث، وهي ديباجة الشعر في مصر لآخر أيام العهد الفاطمي وأوائل العصر الأيوبي، وهي ديباجة أذاعها الشاعر عُمارة اليمني، وعن هذا الشاعر أخذ شاعرنا أحمد شوقي عبارة أو صورة سأذكرها يوم يجيء مكانها في هذه الأحاديث
ثم ماذا؟ ثم كان اليمن يد مصر في التعرف إلى الشرق البعيد، فبفضله وصلت السفائن المصرية إلى آفاق لا نعرف مداها اليوم إلا بأجنحة الخيال
ثم ماذا؟ ثم أعتذر لأستاذنا أحمد زكي باشا، فقد عبت عليه أن يقول في محاضراته بالجامعة المصرية إن صنعاء كانت في قوة باريس أو برلين
وهل حفظنا حق اليمن في التاريخ؟
قيل وقيل إن سقوط بغداد بأيدي المغول أوجب رحلات علماء العراق إلى مصر فكانت النهضات العلمية والأدبية بالديار المصرية
فأين من يذكر أن سقوط سد مارب أوجب رحلات العلماء من الجنوب إلى الشمال فكانت النهضات الأدبية والعلمية بالديار العدنانية؟
أجمع مؤرخو الأدب على أن امرأ القيس هو فاتحة الشعر العربي في العهد الجاهلي،