تختارين بكل دقة وتأن من بين ذكرياتك بما أنك تبعدين كل ذكرى لا تنسجم وحالتك الحاضرة. هذا الاختيار الذي تقومين به بلا انقطاع، وهذه المطابقة (بين الذكريات والحالة الحاضرة) المستمرة والدائمة التمدد هما الشرط الأساسي لما يسمونه الصواب. ولكن المطابقة والاختيار يجعلانك في حالة إجهاد غير منقطع أنت لا تشعرين به في الحال كما أنك لا تشعرين بالضغط الجوي ولكنك تتعبين إذا ما طال. والصواب متعب جداً.
(لقد قلت لك تواً: إني أتميز عنك لأني لا أفعل شيئاً. والمجهود الذي تبذلينه بدون انقطاع أنا أمتنع فقط عن بذله. أنت تتمسكين بالحياة وأنا أنفصل عنها. لم أعد أكترث بشيء ولا أهتم بشيء. النوم عدم اهتمام ونحن نيام بقدر ما نكون غير مبالين. الأم النائمة بجانب طفلها يمكنها ألا تسمع قصف الرعد، بينما تنهدة واحدة من تنهدات طفلها توقظها. فهل كانت غافلة (نائمة) حقاً بالنسبة لطفلها؟ إننا لا نغفل عما يزال يهمنا
(تسألينني عما أفعل عندما أحلم؟ سأقول لك ماذا تفعلين أنت أثناء اليقظة. تأخذينني أنا شخصية الأحلام، أنا مجموعة ماضيك وتقودينني، مضيقة على الخناق، حتى تحصريني داخل الدائرة الضيقة التي تخطينها حول عملك الحالي، هذه هي حالة اليقظة: الحياة النفسية الطبيعية، الجهاد، الإرادة. أما الحلم فهل أنت بحاجة لأن أعبر لك عنه؟ إنها الحالة التي تلاقين فيها نفسك في حالتها الطبيعية عندما تتركينها على غاربها، عندما تهملين حصرها في نقطة واحدة، عندما تكف الإرادة عن العمل. وإذا ألححت أو أصررت في طلب شرح أي شيء فسلي كيف تعمل إرادتك في أي وقت من أوقات اليقظة حتى يمكنها أن تحصر كل تحمله فيك في نقطة واحدة تهمك وذلك بدون أن تشعري واسألي فجأة حينئذ حالتك النفسية وقت اليقظة، ووظيفتها الأساسية أن تجيبك لأن اليقظة والإرادة شيء واحد)
هذا ما تقوله شخصية الأحلام، وإنها لتقص علينا أشياء أخرى كثيرة إذا تركنا لها المجال لذلك. لكن لقد حان الوقت للوصول إلى النتيجة. ما هو الفرق الجوهري بين الحلم واليقظة؟ سنلخص ما سبق قائلين إن القوى نفسها تعمل سواء كنا في حالة اليقظة أو في حالة الحلم. فقط في الحالة الأولى تكون هذه القوى منحصرة وفي الحالة الثانية تكون منطلقة
الحلم هو الحياة العقلية بأكملها ينقصها مجهود الحصر. فلا نزال ندرك ولا نزال نتذكر ولا