ما جلتْ جسمها ليوم أزدهاء ... أو رأت وجهها بنهر جار
فهي تبدو كأشعث ذي سفار ... وهي تحكى فلاّحة في القفار
أَنفت من تمايل واختيال ... وسمتْ عن تجمّل وازدهار
أصبحت لا ترى سوى البرّحلياً ... لا ولم تشتمل بغير الوقار
إن تردَّي دوح الرياض اخضراراً ... فهي لا ترتدي بغير الغبار
لم تفاخر بالمجد دوحاً ونالت ... قصب السبق يوم عرض الثمار
ولو أني أتيتللدوح باسمٍ ... قلت هذي أميرة الأشجار
فهي بنت الجبال ذات وقار ... وهي بنت الصخور ذات اصطبار
وهي تسعى للسيرِّ دون ضجيج ... وهي تعطي الخيرات دون افتخار
وهي طيُّ الخفاء تدأب كدْحاً ... مستمراً في ليلها والنهار
تصهر الشمس رأسها كل صيف ... وتلاقي الشتا بجسم عار
قد تلقَّت حوادث الدهر تتري ... دون أن تشتكي من الأقدار
ما الذي ساقها لنفع البرايا ... دون ما دافع ولا إجبار
هم ذووها إِن أطعمتْهم وإلا ... قطعوها فعذّبت في النار
كم لها من يد علينا ولكن ... ما عليها يدَّ لغير الباري
لمْ تزل تأكل التراب ولكن ... تطعم الخلق أطيب الأثمار
ليتنا مثلها فنعطي جنانا ... لا لنفع يُرجَى ولا استثمار
وأراني كالدوح شأناً ولكن ... ما جَنَا دوحتي سوى الأشعار
ولكلّ في الكون شأنٌ به خُصَّ ... وخُصَّ الفناء بالأطيار
أحمد الصافي النجفي