للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أبيه فقال:

كنت يا أبي توقظ أذهان الطلبة في أول السنة الدراسية، وتطيل المناقشة معهم، وتتوسع في الأدب العربي، وتكثر من تنبيههم إلى ما في أبيات النصوص الأدبية من معان وأغراض، فيشغلون بدرسك ويقدرونه، ولكن بعد أن مرت أشهر على ذلك أخذ الشك يساور نفوس الطلبة في جدوى هذه الطريقة بالنسبة لضخامة المنهج الذي يجب أن يتم قبل السنة الدراسية بشهر على الأقل، وكان من قولهم: يجب أن ننبه أستاذنا إلى ما فيه مصلحتنا بأن يقتصر على سرد ما في الكتاب، ويسألنا فيه في اليوم التالي، وهكذا دواليك حتى يتم المقرر في حينه ونكون قد استوعبنا ما في الكتاب ويكتب لنا النجاح في الإمتحان، وأن نلفت نظره إلى أنه ليس الغرض من تعليمنا أن نكون أساتذة في اللغة العربية. ولكن قبل أن تصل النصيحة إلى سمعي قبلت التعليم في السودان، وكفى الله المؤمنين القتال

هذه صورة مصغرة لميول الطلبة نحو تثقيف عقولهم وبخاصة في المدارس الثانوية، فهل لي أن أرجو وزارة المعارف في ضجة العلاوات والدرجات أن تجهز جيوشها السلمية لإصلاح التعليم، وتبسيط مناهجه وتحديد الغرض منه، وأن تغير النظم القديمة البالية في إدارة المدرسة وواجب المعلم والناظر والمفتش على أساس تكوين الملكات وتهذيب الأخلاق وتربية النفوس على حب العلم والرجولة الحق في الطلاب الذين تنشدهم مصر الحديثة ليستعدوا لحمل الأعباء المستقبلة. بل أقول إن ذوي المناصب الخطيرة في وزارة المعارف يجب أن يخرجوا من حيز الأوامر والمنشورات والرأي الواحد المقلد إلى مصابيح تشع النور في معاهد التعليم، فكل هذه الجولة والصولة الغرض منها معلم يحسن أثره في التلاميذ وأن يعالجوا الأمور في جراءة وصدق وإخلاص وهم أهل لذلك

وألا يختبئوا دائماً وراء الوزير والمستشار، فإن واجب وزارة المعارف غير واجب الوزارات الأخرى

وأذكر أن في أدراج صاحب العزة الدكتور طه حسين بك مشروعاً شاملاً لإصلاح التعليم وبخاصة في اللغة العربية أعدته لجنة برياسته منذ زمن وأرجو أن يبعث من مرقده والله الهادي إلى سواء السبيل.

حسنين حسن مخلوف

<<  <  ج:
ص:  >  >>