والجزء الغربي من آسيا، وسكانها يبلغون أكثر من ثمانين مليونا من الأنفس، إذ أن اللغة العربية لغة الكتابة في هذه الأقطار جميعها، ومنها تفرعت لهجاتهم، ولحرصهم على اللغة العربية دائما لا تبعد اللهجات عنها، وكذلك لا تبعد لهجات الأقطار بعضها عن بعض بعداً يجعل التفاهم بين أهلها متعذراً
وقد ربطت هذه اللغة بينهم برباط اجتماعي وثيق، وسهلت سبل التعارف والتآلف، فأصبح المصري مثلاً يسافر شرقا إلى الشام أو الحجاز أو العراق، ويسافر غرباً إلى ليبيا وطرابلس وتونس والجزائر، ويسافر جنوباً إلى بلاد السودان وما وراءها فيرى أهلاً بأهل وجيراناً بجيران، ويحل بين قوم يفهم عنهم ويفهمون عنه، ويألفهم ويألفونه، وكأنه لم يبرح بلده، ولم يفارق موطنه، ذلك بفضل اللغة العربية وما يسرت من تفاهم، وكذلك شأن السوري والعراقي والحجازي إذا حل بهذه الأقطار، وقد كان ذلك سبباً في زيادة التعاون وإحكام روابط الأخوة والحب بين شعوب الشرق العربي، وفتح طريقاً إلى الوحدة العربية التي ينشدها كل محب للشرق وللعرب، وستحقق إن شاء الله بفضل هذه اللغة
وقد أدى ذلك إلى سهولة التجارة وتبادلها بين هذه الأقطار كما أدى إلى تبادل الثقافة وسائر ألوان الإنتاج في العلم والمعرفة والتفكير، وصار المؤلف في مصر لا يؤلف لوطنه وحده، وإنما يؤلف لجميع هذه الأقطار، كما صار طابع الكتب وناشرها لا يطبع أو ينشر لمصر فحسب، وإنما يطبع لهذه الأقطار ولبلاد الهند والملايو وجاوه وسومطره وبلاد الصين، كذلك شأن المؤلفين والناشرين في هذه الأقطار، وذلك كله بفضل اللغة العربية
وأما الاعتبارات التاريخية فإن علوم آبائنا وأجدادنا وثقافتهم وتراثهم العقلي قد وضعت باللغة العربية، فنحن نحافظ عليها ما حافظنا على هذا التراث. وهذا هو أيضاً على النفر القليل الذين دعوا إلى العامية وإحلالها محل اللغة العربية
أتدرون ماذا نكون إذا نحن اتبعنا مشورة أولئك وهؤلاء ممن يشيرون علينا بأن تتنازل العربية عن بعض خصائصها لتقرب من العامية، أو أن نصطنع العامية بدل العربية؟ إننا بذلك نعمد إلى تلك الصلات التي بيننا وبين جيراننا الشرقيين فنقطعها فنصبح نتكلم بلغة لا يفهمونها ويتكلمون بلغة لا نفهمها
وإلى تلك الصلات التي بيننا وبين أسلافنا فنقطعها أيضاً ونصبح لا نتصل بعلومهم ولا