والمرأة تبكي منذ خلقت ولا تزال تبكي إلى يوم الدين، وترثي الموتى منذ هلك ميت إلى أن يموت آخر الهالكين، ولكنها كما قلنا مرة لم تخلد بكلمة واحدة إلى جانب الكلمات التي خلد بها الباكون والراثون من الرجال، ولا استثناء في ذلك للخنساء وهي التي كانت تفاخر النساء بالبكاء!
ونأتي إلى القصة نفسها وهي موضوع التعقيب أو موضوع الزجر والتأنيب للرجال الفضوليين الذين يدخلون فيما لا يعنيهم من شئون المرأة
فمن الحقائق التي يجب أن تعلمها الآنسة الأديبة أن الكاتبات الروائيات لم يشتهرن قط بخلق الشخوص النسائية الخالدة في عالم الكتابة، ويصدق هذا على السابقات من طراز ماري كوريلي وشارلوت برونتي كما يصدق على اللاحقات من طراز فيكي بوم وبيرل بك، بل يصدق في هذا المعنى أمر تستغربه الآنسة لو علمت به: وهو أن الرجال في روايات الكاتبات أصدق صورة من النساء، لأن المرأة على ما يظهر لا تحسن التعبير عن نفسها كما تحسن مراقبة الرجل والحكاية عنه، وإن لم تقصد التحليل والتصوير
ولست أنا القائل إن المرأة لم تفهم نفسها كما فهمتها من تصوير شكسبير لها، وإنه صور خمسا وعشرين صورة نسائية لا تختلط واحدة منها بالأخرى ولا توجد امرأة واحدة تحصيها في وجوهها وملامحها، ولكن الذي قال ذلك امرأة فاضلة هي أنا جمسن في كتابها بطلات شكسبير
ولم توجد بعد المرأة الفذة بين النساء، كما كان شكسبير الرجل الفذ بين الرجال
تلك طرائف آنسة في حديث الذكر والأنثى
ولهذا الحديث طرائف أخرى في (رجل) كشفه الأستاذ السيد قطب وقال هو عن نفسه إنه يفخر بمشابهة المرأة تكوينها
هذا الرجل يقول لنا: (وأنا أحب أن يعلم الأستاذ قطب، وأن ينقل إلى الأستاذ الكبير العقاد، أن الحياة البشرية ليست من البساطة بحيث يظنان. . . وقديماً زعم اليونان أن الآلهة عند خلقها للبشر لم تخلق الرجل والمرأة دفعة واحدة بل خلقت أعضاء مختلفة ثم جمعت بين تلك الأعضاء لتسوي الرجل والمرأة، وهي لسوء الحظ أو حسنه لم تحرص على نقاء الرجل من عنصر المرأة أو نقاء المرأة من عنصر الرجل. ولهذه الخرافة الرمزية دلالتها