فانظر كيف يصف خلقه الكلب وحركته، وتأمل الغلو في قوله له إذا أدبر الخ فقد ادعى أن الكلب في سرعة حركاته مقبل مدبر معاً فكأن الرائي يراه ويرى صورته في مرآة فيرى شكلين أحدهما مدبر والآخر مقبل
وقد افتن الشعراء في وصف حيوانات الصيد الأخرى كالفهد وجوارح الطير من البازي والباشق واليؤيؤ والعقاب الخ. ومن هذا وصف العقاب في شعر أبي الفرج الببغاء:
ما كل ذات مخلب وناب ... من سائر الجارح والكلاب
بمدرك في الجد والطلاب ... أيسرَ ما يدرك بالعُقاب
شريفة الصبغة والأنساب ... تطير من جناحها في غاب
وتستر الأرض عن السحاب ... وتحجب الشمس بلا حجاب
يظل منها الجو في اغتراب ... مستوحشاً للطير كالمرتاب
ذكية تنظر من شهاب ... ذات جران واسع الجلباب
ومنكِب ضخم أثيث رابي ... ومَنسِر موثَّق النصاب
وراحتي ليث شرّي غلاَّب ... نيطت إلى براثن صلاب
مرهفة أمضى من الحراب ... وكل ما حلَّق في الضباب
لملكها خاضعة الرقاب
وأبو الفتح كشاجم من أكثر الشعراء ولعاً بالصيد، وله فيه كتاب. ومن شعره في وصف الباشق، وهو ضرب من البزاة:
يسمو فيخفي في الهواء وينكفي ... عجلاً فينقض انقضاض البارق
وكأن جؤجؤه وريش جناحه ... خضبا بنقش يد الفتاة العاتق
وكأنما سكن الهوى أعضاءه ... فأعادهن نحول جسم العاشق
ذا مقله ذهبية في هامة ... محفوفة من ريشها بحدائق
ومخالب مثل الأهلَّة طالما ... أدْمين كف البازيارِ الحاذق
وإذا انبرى نحو الطريدة خلته ... كالريح في الأسماع أو كالبارق
وإذا دعاه البازيار رأيته ... أدنى وأطوع من محب وامق
وإذا القطاة تخلفت من خوفه ... لم يعد أَن يهوى بها من حالق