للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا الخبر السار، ففرح وقال في نفسه (أجابت هنا الطلب، وستجيب دون شك مطالبي الأخرى)

أسرع إلى مقر الدوقة وأدلى إليها بما حدث في البلاط أثناء غيبتها، ورجا منها أن تصبر على مازاران، فان أرضى رغباتهما وحقق آمالهما تركته وشأنه، وان أبى عليهما ما يطلبان شاكسته

ولكنها لم تكد تطأ أرض باريس حتى نسيت قول لاروشفوكو وحاولت عزل الوزير وإحلال أحد رجالها المسمى شاتونيف محله، وجهرت برغبتها في رد القوة إلى الأسر العظيمة التي تحبذ آراءها وترضى عن خططها. وقبل أن تقدم على عمل جدي، افتضح أمر الجمعية وألقى القبض على رئيسها في ٢ سبتمبر عام ١٦٤٣ وحبس في فنسين، وأمرت الدوقة بالإقامة في تور. أما لاروشفوكو فلم يمس بسوء، وكل ما أصابه في هذه الحادثة أن الملكة أمرت بأن يعرض عن الدوقة ويخلص للوزير. ولكنه لم يذعن لأمرها ولم يجن من وراء ذلك نفعا

واستمر في البلاط إلى عام ١٦٤٦ كئيب النفس وسط مسرات البطانة ومرحها، وسعى سعي المجد إلى الحصول على إحدى الرتب العسكرية التي رفض قبولها من ريشليو، ولكن سعيه لم يصب غير الفشل. فدفعه اليأس من بلوغ مقاصده إلى الاتصال بالدوقة دي لونجفيل التي تضمر العداوة للملكة. وهذه الدوقة كانت شديدة الكبرياء مولعة بالمجون والاستهتار، وقيل إنها أحبت أخاها الدوق رانجان حباً فيه إثم كبير، وإنها كانت ترى في هذا الحب البغيض طريقة تميزها من (القطيع الإنساني). ولم يحبها لاروشفوكو، بل تصل بها وأظهر كلفه بها ليستخدمها في سبيل اغراضه. وهو لم يعرف الهوى المحرق كما تقول مدام دي سفنييه وقد سمعه سجريه يقول: (لم أعثر بالحب إلافي القصص الخيالية)

وفي أغسطس عام ١٦٤٨، قامت ثورة في باريس تعرف في تاريخ فرنسا باسم (ومعناها لغة: النبلة التي يستعملها الصغار عندنا في صيد العصفور، وكانت شائعة في فرنسا وقت قيام هذه الثورة فسميت باسم هذه اللعبة)، ثم امتد الاضطراب إلى الريف، وأشعل الفلاحون في (براتو) نار الشغب. وكان لاروشفوكو قد حصل على حكمها بفضل مكانة أبيه، فقمع هذا الشغب قبل أن يستفحل، ونال بعمله هذا إعجاب الوزير مازاران. ولكنه كان يسعى

<<  <  ج:
ص:  >  >>