عليه النعمان) قال أبو الفرج:(وغضبت له (أي للنعمان) العرب حينئذ، وكان قتله سبب وقعة ذي قار)
والعرب لم تغضب لمصير هذا الأمير المسكين، ولم يكن قتله سبب تلك الوقعة، وإنما سببها - إن ثبتت - (أن كسرى بعث إلى إياس: أين تركة النعمان؟ قال: قد أحرزها في بكر ابن وائل. فأمر كسرى إياسا أن يضم ما كان للنعمان، ويبعث به إليه، فبعث إياس إلى هانئ أن أرسل إلي ما استودعك النعمان من الدروع وغيرها، فأبى هانئ أن يسلم خفارته، فلما منعها غضب كسرى، وأظهر أنه يستأصل بكر ابن وائل، وعنده يومئذ النعمان بن زرعة التغلبي، وهو يحب هلاك بكر بن وائل فقال لكسرى:
يا خير الملوك، أدلك على غرة بكر؟
قال: نعم
قال: أمهلها حتى تقيظ، فإنهم لو قد قاظوا تساقطوا على ماء لهم يقال له: (ذو قار) تساقط الفراش في النار، فأخذتهم كيف شئت، وأنا أكفيكهم. فترجموا له قوله (تساقطوا تساقط الفراش في النار) فأقرهم
وبعث إلى هانئ وجماعته جنوداً عربيين وجنوداً فارسيين، وكانت تلك الوقعة، إن كانت
وقد عزوا إلى رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) هذا القول: (هذا يوم (أو ذلك يوم) انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا. أو اليوم انتصفت العرب من العجم) وهم الإخباريون وغير الإخباريين يصوغون كما يحبون ويشتهون
في الأغاني: كانت وقعة ذي قار بعد وقعة بدر بأشهر، ورسول الله بالمدينة. فلما بلغه ذلك قال: هذا يوم الخ
وهنا شيء يقال: إذا كانت التركة (السابق ذكرها) كما أحصوا (٤٠٠) درع أو (٨٠٠) درع فنحن بين أمرين: إما أن يكون الراوون قد رأوا ما رووا في المنام، وكثيراً ما بنيت أشياء بل ديانات على المنامات - وقصة قسطنطين مشهورة - وإما أن يكون كسرى قد جن جنوناً كبيراً حتى يبعث تلك الجيوش وينفق المال الكثير للاستيلاء على حقير.
قلت من قبل: إن السبب الحق لغضب كسرى على عامله النعمان مجهول، ولكن صائغاً بارعاً (لله دره) صاغ لنا خبراً طريفاً غريباً في سبب الغضب، طرافته وغرابته تدعوان