براعة بنائهم، وحذق مهندسيهم ومهارة فنانيهم، وأكثروا من استعمالها حتى لقد أصبحت من سمات العمارة الإسلامية.
رأينا إذن كيف أثر الدين الإسلامي ببعض توجيهاته الإيجابية في فنون الخط والزخرفة والعمارة، وننظر الآن فيما كان لبعض التوجيهات السلبية لهذا الدين من تأثير جلي في الفنون الجميلة، فنلمس أثر هذه التوجيهات واضحاً فيما نجم عن تحريم الربا، وعن كراهية التصوير، وعن الطريقة التي نظم بها الإسلام استعمال الذهب والفضة والحرير
وليس هناك من شك في أن تحريم الربا لم يكن له في صميم الفن أثر مباشر؛ ولكنه عون على تقدمه ونضوجه وازدهاره وانتشاره. ذلك لأن هذا التحريم الذي جاء صريحاً في القرآن (يمحق الله الربا. . .) قد دفع بالمسلمين إلى استخدام الفائض من أموالهم في توفير وسائل الترف المباح في حياتهم. ولقد فصلت كتب الأدب والتاريخ حياة البذخ التي كان يحياها الخلفاء والأمراء. ولا يتسع المجال هنا لتفصيل ذلك، إنما يكفي أن نذكر على سبيل التمثيل لا الحصر بذخ العباسيين في بغداد و (سر من رأى)، وبذخ الطولونيين في مصر، والفاطميين في القاهرة، وبذخ الأمويين في قرطبة والزهراء. ولهذا البذخ أبعد الأثر في تقدم الفنون الجميلة، فالإقبال على اقتناء التحف والسخاء العظيم في بذل الثمن لها بعث في الفنانين والصناع روح المنافسة فأخذوا يتبارون في إتقان مصنوعاتهم ويغالون في زخرفتها وتجميلها. ومتاحف الفن الإسلامي في مصر وأوربا وأمريكا غنية بالكثير من هذه التحف التي هي لسان صدق لما بلغه أجدادنا من المسلمين من رقي الفن وسمو الذوق.