الريح) قتله، وأراحتهم منه، فوجأه بالرمح في وجهه، ففلق الوجنة، وانشقت عين عامر ففقأها، وترك مسهر الرمح في عينه. وقيل: إن عامراً وثب عن فرسه، ونجا على رجليه، وأخذ مسهر رمح عامر. وفي رائية عامر - وهي مفضلية -:
لعمري وما عمري عليَّ بهيّن ... لقد شان حرَّ الوجه طعنة مسهر
ولمسهر شعر في طعنته هذه رواه (العقد) في (يوم فيف الريح) وقد قال مسهر فيه: إنهم أخذوا امرأة عامر بن طفيل
(وقد كان بنو عامر أخذوا امرأة من بني عبس، فما لبثت عندهم إلا يوماً واحداً حتى استنقذها قومها، وفخر عامر بن الطفيل بذلك، وذكر أخذه إياها)
أبمثل هذه (البطولة) يفخر الفاخر، وهل لعامر أن يقول يقظان أو وسنان:(والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش) كما قص ابن إسحاق ونقل ابن هشام وابن جرير تقول (السيرة) لأبن هشام:
(. . . بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المنذر بن عمرو في أربعين رجلاً من أصحابه من خيار المسلمين. إلى أهل نجد فساروا حتى نزلوا بئر معونة - وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم - فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله،. . . واستصرخ عليهم قبائل من بني سليم من عصية ورعل وذكوان. . . فخرجوا حتى غشوا القوم، فأحاطوا بهم في رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قبلوا من عند آخرهم يرحمهم الله. . .)
فإذا صح ما نقل ابن هشام فكيف تجاسر عامر بن الطفيل أن يفد على رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) كافراً، لم يسلم، سافكاً دماء من سفك دماءهم من المسلمين، وقد دانت العرب للنبي، وقد ملك (الجزيرة) ثم يريد أن يقدم هو وأربد على ما نوياه، وحول رسول الله من هم حوله من أبطال الإسلام، ثم يطمع ذاك المطمع، ويغضب ويهدد، ثم يرجع وصاحبه في ذلك اليوم سالمين
لقد بالغ الصواغون في تزويق عامر وتلوينه وتشكيله وتكبيره، والتلوين حائل، والباطل زائل