وإنما تتميز الأشعار ببينة التفاعيل، وهنا نلاحظ أن الأستاذ خشبة لم يدرك بأذنه حقيقة الشعر الإنجليزي، وكان السبب في ذلك اعتماده فيما أرجح على قواميس اللغة الإنجليزية، فقد قرأ في أحد كتب العروض الإنجليزي أن هناك شعراً تتكون تفاعيله في الأيامب، وشعراً تتكون تفاعيله من الداكتيل. . . الخ. مما يجده القارئ في هامش مقاله، وبحث في القاموس فوجد أن الأيامب عبارة عن وحدة من مقطعين، أولهما قصير والثاني طويل وهكذا. وفاته أن هذه التعاريف لا تنطبق على الشعر الإنجليزي بسهولة، وإنما هي خاصة بالأشعار اليونانية واللاتينية، ففي هاتين اللغتين تتميز المقاطع بعضها عن بعض بالطول والقصر، وأما اللغة الإنجليزية واللغة الألمانية فتتميز مقاطعها قبل كل شيء بالارتكاز الصوتي فهناك مقاطع تنطق بضغط وأخرى بغير ضغط، وعلى هذا يكون الأيامب وحدة من مقطع لا يحمل ارتكازاً وآخر يحمله. ومن ثم لا يكون الشعر الإنجليزي (شعراً كمياً بل (شعر ارتكاز وهذا هو الرأي المعتمد.
وفي موضع آخر يقول الأستاذ: (ويفضل بعض الشعراء البحر الإسكندري نسبة إلى الإسكندر الأكبر القصائد التي نظمت فيه من هذا البحر. ويؤثر شعراء المأساة الفرنسيون النظم من هذا البحر إطلاقاً وهو يتكون من اثني عشر مقطعاً (ست تفعيلات إيامبية مقطعين). (وهذا القول أيضاً يدل على أنواع من عدم الدقة بل ومن الخطأ البين. فعدم الدقة نجدها في شرح سبب تسمية هذا البحر فهو ليس نسبة إلى الإسكندر الأكبر بل نسبة إلى رواية بالذات كتبت في القرن الثاني عشر بفرنسا (عن الإسكندر الأكبر) ' ومنها لأول مرة استعمل هذا البحر بدلاً من الأبحر الأقصر منه التي كانت مستعملة في القرون الوسطى. وأما الخطأ ففي ظن الأستاذ أن البحر الإسكندري في الشعر الفرنسي يتكون من ست تفعيلات إيامبية مقطعين، فهذا لا وجود له في الشعر الفرنسي ومن المعلوم أن اللغة الفرنسية قد فقدت منذ قرون:(١) الكم فلم تعد هناك مقاطع طويلة ومقاطع قصيرة إلا في حالات نادرة في أواخر الكلمات مثل ومن المسلم به عند الفرنسيين وعند جميع من كتبوا عن الشعر الفرنسي إن هذا الشعر لا علاقة له بكم المقاطع (٢) الارتكاز فألفاظ اللغة الفرنسية لم تعد تحمل ارتكازاً وإنما يوجد ارتكاز في أواخر الجمل، فكل جملة فرنسية أو شبه جملة تنتهي بارتكاز نجس أنه ارتكاز شدة ارتفاع معاً إلا في حالة الوقف فإن يعتبر