ولم يجد في إقناعها تعديل المادة ١٥ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بما يتفق مع هذا الحق. ثم نقضي على نظرية الصالح المختلط التي استطاعت المحاكم المختلطة الحالية من ورائها أن تمد اختصاصها إلى قضايا فيها كل المتقاضين مصريين، بدعوى إن هناك مصلحة لأجنبي في الدعوى، ولو كانت هذه المصلحة ليست هي بالذات موضوع النزاع. وطبقت هذا المبدأ على الشركات ولو كانت مصرية، فأدخلتها في اختصاصها مادام فيها مساهم أجنبي. وطبقته كذلك على حجز ما للمدين لدى الغير، فقضت باختصاصها ولو كان كل من الدائن الحاجز والمدين المحجوز عليه مصريا مادام المحجوز لديه أجنبيا. وليس للمحاكم المختلطة في كل هذا سند قانوني إلا نص المادة ١٣ من لائحة ترتيبها، وهذه لا تعرض إلا لحالة استثنائية لا يجوز التوسع في تفسيرها، ومن باب أولى لا يجوز القياس عليها. ثم نضع حدا للاحتيال على جعل قضية من اختصاص المحاكم المختلطة من طريق تحويل الحق المتنازع فيه إلى أجنبي تحويلا صوريا. ونفسح المجال لاتفاق الخصوم على اختصاص المحاكم الأهلية حتى لو كان بينهم أجنبي، سواء أوجد هذا الاتفاق وقت رفع النزاع أم كان قد تم قبل ذلك، وبهذا نمهد السبيل لمد اختصاص المحاكم الأهلية إلى الأجانب الذين يرتضون هذا الاختصاص.
وراعينا بعد ذلك أن تكون المحاكم الجديدة، وهي مصرية، غير مقصورة في مصريتها على الشكل دون الجوهر، كما هو شأن المحاكم المختلطة الحالية. فطلبنا أن يكون نصف قضاة المحاكم الجديدة مصريين حتى نضمن بذلك أن تكون هناك دوائر، غالبية القضاة فيها مصريون ورئيسها مصري ولغتها العربية، وان يكون نصف أعضاء الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف - ولها اختصاص تشريعي كما قدمنا - من القضاة المصريين. واجزنا رياسة المحاكم للمصريين وحتمنا أن تكون الوكالة لهم إذا كان الرئيس أجنبيا وبذلك يكون العنصر المصري في المحاكم الجديدة معادلا للعنصر الأجنبي وهذا هو العدل، فان المصالح المصرية التي تقضي فيها هذه المحاكم لا تقل في الأهمية والخطر عن المصالح الأجنبية إن لم تزد عليها. هذا إلى أن المحاكم مصرية، تجلس في ارض مصرية، وتحكم باسم مليك البلاد، وتتقاضى نفقاتها من خزينة مصر، وتنفذ السلطات المصرية أحكامها فإذا طلبنا بعد كل هذا أن يكون نصف القضاة مصريين فلا نكون قد ارتبكنا شططا بل نحن معتدلون، فما