للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعدية الانتساب بغير حرفه مولدة، وفي (المقامة. .) في قولها: (فلا يدخل رجل في غير قومه، ولا ينتسب إلى غير نسبه) التعدية العربية القديمة

يقول عامر بن الطفيل:

(. . . ولبس القول أعمى من حندس الليل)

بناء (أفعل) من عمى غير جائز؛ قال الرضي: (لكون بعضها مما لا يقبل الزيادة والنقصان كالعمى)

والشاذ في هذا الباب معروف. وقول عامر يكاد يكون عصرياً. . .

وأما القول العربي الكريم: (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً)

فالثانية فيه مثل الأولى، وليست بمعنى (التي تقتضي من) كما قال العكبري. وقال الزمخشري: (قد جوزوا أن يكون الثاني بمعنى التفضيل) وأنا لا أرى ذلك، والطبري يقول: (. . . عمى البصر لا يتفاوت فيكون أحدهما أزيد عمى من آخر إلا بإدخال أشد أو أبين. فليس الأمر في ذلك كذلك، وإنما قلنا ذلك من عمى القلب الذي يقع فيه التفاوت، فإنما عنى به عمى قلوب الكفار عن حجج الله التي قد عاينتها أبصارهم فلذلك جاز ذلك وحسن)

ممن اطمأن في هذا العصر إلى كلام النعمان عند كسرى وأخذ قولاً عربياً جاهلياً خالصاً - العلامة اللغوي الكبير الشيخ إبراهيم اليازجي، قال في مقدمة كتابه (نجعة الرائد):

(. . . إن من اطلع على المأثور من كلام العرب. . . أيقن أن هذه اللغة قد انفردت عن سائر اللغات فصاحة وبياناً، كما انفرد أربابها في مذاهب البلاغة تبسيطاً وإفتناناً. وحسب الناظر أن يسرح طرفه في بليغ منقولها، ويتأمل ما جاء من البدائع في محكم فصولها، من مثل مقالة النعمان في النضح عن أحساب العرب، وما ورد عن الإمام علي من نوابغ الأمثال وروائع الخطب، وما جاء بعد ذلك من أقوال مصاقع الخطباء في صدر الإسلام. . .)

وقال في المقدمة في مقالة النعمان:

(كان من حديث ذلك أن النعمان بن المنذر وفد على كسرى وعنده وفود الملوك من الهند والصين والروم وغيرها وتذاكروا أقوامهم وملوكهم، فتكلم الملك النعمان، وافتخر بالعرب، وفضلهم على سائر الأمم، ولم يستثن الفرس، فدخل كسرى منه شيء، وتكلم فطعن في

<<  <  ج:
ص:  >  >>