للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يلائم غاياتها، ولا ترى باسا من أن تقتبس من الاشتراكية كما تقتبس من الرأسمالية.

وتستطيع الفاشستية أن تدعي اليوم إنها قد أصبحت حركة عالمية بعد أن لبثت إلى ما قبل عامين حركة إيطالية محلية، فمبادؤها ومثلها السياسية والاجتماعية تسيطر اليوم على أمة عظيمة أخرى هي ألمانيا. وطغيان (الوطنية الاشتراكية) الذي يفرضه الهتلريون اليوم على الشعب الألماني يقوم على نفس الوسائل التي شقت بها الفاشستية طريقها إلى السلطان والحكم منذ اثنتي عشرة عاما. بيد أن الفاشستية الألمانية تنقصها الطرافة، ويغلب فيها التقليد على الابتكار، وتنقصها بالأخص الزعامة الممتازة، وتقدمها بهذه السرعة يرجع إلى وسائل العنف والإرهاب اكثر مما يرجع إلى وسائل الإقناع والتأثير. وهي في جوهرها كالفاشستية الإيطالية تقوم على الفكرة القومية، وحشد أبناء الوطن الواحد تحت لواء واحد؛ ولكنها تذهب في فهم الفكرة القومية إلى حد التعصب الجنسي والديني الواضح، وهو حد لم تبلغه الفاشستية الإيطالية قط، فزعماء الوطنية الاشتراكية الألمانية: اعنيهتلر وزملاءه يمزجون الفكرة القومية بفكرة الجنس والسلالة ويفرقون بين الجنس الآري والأجناس الأخرى، ويقولون إن الشعب الألماني هو شعب آري أشقر يتفوق بالدم والمزايا الجنسية والفكرية على جميع شعوب الأرض، ويشهرون العداء على غير الآريين؛ ومن ثم كانت ثورة الخصومة السامية وطاردة اليهود الألمانيين بحجة أنهم غير آريين وان وجودهم خطر جنسي واجتماعي على الشعب الألماني، وهي حركة تعصب شائن لم تضم الفاشستية الإيطالية في أي طور من أطوارهاوكانت ذريعة سياسية في الواقع رأى الهتلريون في اتخاذها تحقيقا لبعض خططهم السياسية والاقتصادية؛ وتذهب الفاشستية الألمانية إلى ابعد من ذلك فتعتبر جميع الأجناس السامية والشرقية أجناسا منحطة هدامة للحضارة يجب أن يسودها الجنس الآري.

وأما من الوجهة الاقتصادية فأن الفاشستية الألمانية غامضة في وسائلها وغاياتها. فهي تزعم إنها اشتراكية على حين إنها ابعد الأشياء عن الاشتراكية. وهي تعتمد في خططها الاقتصادية على التقليد والاقتباس من الفاشستية الإيطالية؛ فقد أصدرت مثلا قانونا (لتنظيم العمل القومي) على مثل لائحة العمل الإيطالية؛ وجمعت نواحي الإنتاج المادي والفكري في دوائر معينة مقتبسة نظام النقابات الإيطالي. ويعرف الدكتور فدر أحد علماء الوطنية

<<  <  ج:
ص:  >  >>