للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جميع الأرجاء.

كل فكرة لا تضطهد لا تعيش. وكل دعوة لا تقاوم لا تقوم على أساس. وكل صاحب رسالة لا يضحي في سبيلها بأعز ما لديه يفشل وينكص على الأعقاب.

تاريخ الأنبياء والرسل شاهد على ما تقول. بل هذا تاريخ أبطال العالم وعظمائه يدل من الوجهة الإنسانية البحتة على أن الفكرة الكبيرة تحتاج إلى مقاومة، وإلى اضطهاد، وإلى تضحية، لترسخ وتقوى وتنتشر، كالشجرة تعمل فيها الفأس قطعاً فتزداد نمواً، أو كالأرض لا تخرج أحشاؤها خيراتها إلا إذا ذهب المحراث فيها شقاً.

وفي الشرق اليوم (فكرة) تجتمع حولها أماني الأفراد، وتتلاقى نزعات الجماعات - في السياسة وفي الاقتصاد وفي الثقافة. إذا كان المقام لا يتسع للتفصيل، وإذا كانت صبغة هذه الصحيفة الغراء لا تسمح بالتصريح، فإننا لا نتعدى النطاق المرسوم إذا قلنا إن هذه (الفكرة) تلاقي مقاومة من أهوائنا وغاياتنا المتنازعة في الداخل، ومن المطامع والمصالح المتضاربة في الخارج. وهذه المقاومة نفسها كفيلة بتحقيق هذه الفكرة في يوم يقاس قربه أو بعده بمقياس استعدادنا للتضحية في سبيلها.

فيا رجال السياسة والاقتصاد، ويا رجال القانون والاجتماع، أيها المهيمنون على مقدرات هذا الشرق، المسؤولون عن مصايره، اتخذوا اليوم من ذكرى هذا الحادث التاريخي العظيم - التي يحتفل بها مئات الملايين من المسلمين ويشاركهم فيها مواطنوهم من سائر المذاهب - اتخذوا لنا ولكم من هذه الذكرى عظة، ومن هذا العيد عبرة!

أنطون الجميل

<<  <  ج:
ص:  >  >>