للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رابطة واحدة هي أنها أحكام الصلاة أو أحكام الزكاة أو البيع أو نحو ذلك، ولهذا تعد هذه الكتب سجلاً واعياً لكثير من الفروع الفقهية التي تكونت بمرور الزمن من فتأوي المفتين واجتهاد المجتهدين وأحكام القضاة ونحو ذلك، وكثيراً ما تجد فيها أحكاماً هي وليدة الفرض والتقدير لا وليدة الحس والوقوع والمولعون بهذه الكتب يسيرون على نمطها لا يعدونه، ولا يسمحون لأنفسهم بالانحراف عنه، بل إنهم ليضعون مناهجهم الدراسية على أساس فهارس الكتب، وربما نقلوها نقلاً حرفياً إلى هذه المناهج!

وليتهم يتمون قراءة هذه الكتب، أو يقطعون في دراستها شوطاً بعيداً، ولكنهم يكتفون منها بالقليل الذي لا يعد تحصيلاً وجمعاً ولا يحسب درساً وفحصاً

ليست هذه الطريقة في نظر المصفين دراسة للفقه، ولو عكف عليها إنسان مدى عمره لما كان - إن نجح فيها - إلا محصلاً للفروع، جامعاً لكثير من صور المسائل الجزئية وليس هذا هو الفقيه الذي نبتغيه!

إن هذه الطريقة تقضي على الفقه بالركود والجمود، وتقضي على روح التفكير والإنتاج العلمي، ولا تثير في نفس الباحث شعوراً باللذة الفكرية، ولا تغريه بالاسترسال مع البحث وتذليل صعابه، وهي تعتبر السبيل على الذين يريدون مجاراة التقدم العلمي والعملي في هذا العصر، ويدعون إلى تيسير وسائل الانتفاع بالفقه الإسلامي

نحن ندعو إلى العمل بالشريعة الإسلامية وجعلها أساساً للقانون والتشريع، فكيف نقدم هذا الفقه لرجال القانون الذين ألفوا النظام والترتيب والمبادئ الواضحة؟ كيف نقدمه لهم في هذا الثوب المهلهل، في هذه الكتب المضطربة، في هذه المسائل المبعثرة؟ بل كيف نقدم للمحاكم قاضياً ليس عنده روح الفقيه المتصرف المرن البصير بمبادئ التشريع وأصول الأحكام؟

إن هذه الطريقة تفرض علينا عناية بعرف المتقدمين، وعادات السابقين لا تحظى بمثلها عاداتنا وأحوالنا وما جد من نظمنا ووسائل حياتنا: نحن نعرف جيداً من هذه الكتب أحكام النقد الإسلامي فيما يتصل بشركات العنان وشركات الوجود وشركات المضاربة، ولا نعرف شركات التضامن، ولا شركات التوصية ولا الشركات المساهمة! إننا نعرف أحكام الفقهاء على المزابنة والمراطلة، وبيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب والدراهم الناقصة

<<  <  ج:
ص:  >  >>