فلنعرف ذلك جيداً ليحملنا على الاعتراف بصدق الحياة والإقبال على الكشف عن أسرارها، والإيمان بأن جميع أحلام الإنسانية في السيطرة على شئون الأرض ستحقق قبل انقضاء رحلتنا على سطحها
وينبغي ألا نخلط بين شرور الإنسان وبين آلام الحياة التي لا دخل للإنسان فيها حين نتحدث عن صدق الحياة. فإن الحياة من يد الله بريئة صحيحة قليلة الشر والألم، ولكن الذي يضاعف الشر ويمحو بشاشة الحياة هو الإنسان القاصر الجاهل الناشئ في أحضان السفاهات والجرائم والإهدار لقيمته. . . ومن هنا وجب الإيمان بالإنسان وإيقاظه لنفسه أولاً على نحو ما قدمناه في هذا الصدد لكي يحتجب شره وينمو خيره فيظهر وجه الحياة الجميل البرئ، ويظهر وجه الإنسان الكامل المنشود، ويظهر وجه الله الرحمن ذي الجلال من خلالهما حتى يراه كل فكر جحود وقلب كنود!
(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق!)
وتلك نبوة الحياة الصادقة، يبعثها سر الإنسان الذي نفخ الله من روحه وجعله خليفة في الأرض ليظهر غيوبها ويثير دفائنها، ويلبس بروحه الحية موادها الميتة فيجعلها تحيا بروحه وتفكر بعقله وتخطو بسرعة فكره!
(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم! فسجدوا. . .)
ذلك هو حديث الزمان يرسله هامساً في أذن الإنسان خلال صيحات وحوش الحديد والفولاذ الرابضة والسائرة والسابحة والطائرة، وبين دوي الآراء والمذاهب الهدامة والفلسفات الشاردة الحائرة. وأعتقد أنه نداء يجب أن يكون عنوانا لتجديد الدعوة الدينية في هذا العصر الحائر المتهافت، وأساساً فكرياً صالحاً لوصل العقول والقلوب بأعناق الكون ولباب الإنسانية وصدق الحياة!