للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النزعات

هذا ولم يتسع المجال لأن نذكر شيئاً عن خصائص العقاد الفكرية، خصائص التحليل والتعليل، تلك التي تطرد في كل ما يكتب، وإن كان اعتماده الأكبر في التعليل والتحليل على المنطق الحيوي لا المنطق الذهني. وخلاصة ما يقال في دراساته التحليلية أن (برهانه المفصل تابع لاعتقاده المجمل، وليس اعتقاده تابعاً لبرهانه في كل حين، كما يقول هو في إحدى مقالاته عن نموذج من الناس يستحسنه ويؤمن على طريقته في الاستدلال

ولم نجل كذلك طريقته في العرض، وأسلوبه في التعبير، ولعل القارئ يجد شيئاً من هذا فيما كتبناه عند الموازنة بينه وبين المازني، وفيما كتبناه في العام الماضي عن (عبقرية محمد) وهي نموذج كامل لدراسة الشخصيات.

وبعد! ألا كلمة عن (الصديقة بنت الصديق) صاحبة المقال؟! إن قلة السطور الباقية لتعجلني عن كثير، ولكنني أملك أن أقول: إن عائشة المرأة، وعائشة الأنثى، وعائشة المسلمة، وعائشة زوج النبي، وعائشة الإنسانة تبدو على أوضح ما تكون في هذا الكتاب الأخير

ولقد وقع اتفاق عجيب في موعد هذه الدراسة. ذلك هو التوافق بين السن التي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يهش فيها لعائشة ويستروح ويتقبل بسرور ونشاط مقتضيات سنها وصباها وبين السن التي بدرس فيها العقاد شخصية عائشة (رضى الله عنها)،

وإنه ليخيل إلي أن هذا التوافق كان واضح الأثر في انفعال العقاد لهذه الشخصية الحلوة الكريمة وصحة فهمه لحوالجها وتصرفاتها

وهذا الكتاب الجديد امتداد وتكملة لعبقرية محمد، كما كانت عائشة امتداداً وتكملة لحياة محمد، وقد جمعهما أسلوب العقاد الفنان على نسق اجتماعهما في الحياة قبل ثلاثة عشر قرناً من الزمان.

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>