ثم نزح إلى إيطاليا وقضى فيها مدة قصيرة عاد بعدها إلى بلده. وكان ذلك سنة ١٥٤٣، والتحق بالسلك الديني مبتدئاً برتبة صغيرة ما زال يتدرج منها حتى رقى في زمن وجيز إلى وظيفة القسيس الأول في
وكان وقتئذ عضواً في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، ولكنه لم يستطيع أن يخفي شعوره ضدها، وعملت فيه آراء أستاذيه المصلحين الكبيرة، كما استفزه قريبه الشاعر (ري) فكان لا يفتأ يعلن آراءه ويرددها غير خائف ولا وجل
وكان المذهب الديني الغالب آنئذ في مقاطعة (جاليسيا) - إحدى مقاطعات بولندة في ذلك الحين - هو المذهب الأرثوذكسي. كان هذا الرجل يقيم في تلك المقاطعة، وفيها إبرشيته التي يعمل فيها؛ فأخذ يكتب ويكتب في تمجيد العقيدة اليونانية، والدفاع عنها، وكان هذا ضد وظيفته، ولكنه لم يأبه لذلك، فقد كان غرضه مهاجمة البابا الكاثوليكي، والتعرض له فطلبته السلطات الدينية العليا للمحاكمة. واستطاع بعضهم أن يؤثر عليه تأثيراً مؤقتاً، وطلب إليه الرجوع عن تعاليمه ونبذها، ثم احرقوا كتابه الذي أعلن فيه هذه الآراء
ولم يكن عن ضعف رجوع الرجل عن آرائه؛ فدأب المصلح أن يمهد الطريق، ويحبس النبض، ولا يتردد في إحناء هامته للعاصفة القوية حتى تمر سراعاً، ثم ينتصب من جديد قوياً
فإن إذعان ستانسلوس لتلك السلطات الدينية كان إذعاناً وقتياً؛ فقد تزوج بعد ذلك بأمد وجيز من ماجدالين خَلمتسكي ضارباً بهذا الزواج تقاليد الكنيسة التي يمثلها، فدعاه مطران بشيمزل ليحاكمه على ما أتى، أمام محكمته، فذهب ستانسلوس برفقة صحبة قوية من أصدقائه؛ فخشي المطران أن تحدث فتنة، فلم يستطيع أن يفتتح الجلسة، وآثر أن يحكم على القسيس النافر غيابياً، ففعل، ثم وقع مرسوماً بفصله عن الكنيسة وتجريده من جميع رتبه الكنسية
وأعلنت فضيحته، وقيل إنه خارج على الدين الرسمي للدولة، وصودرت أملاكه. ولكنه لم يفزع لشيء من ذلك. ومر ذات يوم بكنيسة أثناء تأدية الخدمة الدينية فيها، فدخلها وتكلم في الجمع الحاشد بها، محتكما إلى المصلين، ومعلناً براءته مما نسب إليه
ولم تطل مدة الحكم عليه، فأصبح في نظر الكثيرين بريئاً منه، وانقلب التيار الآن وسار