(خير) في نفس الجملة، إذ لا شك مطلقاً في إن (خير) في جملته تلك أفعل تفضيل جاء في مقابلة (شر) أفعل التفضيل الآخر في أول الجملة
إن كلمة شر إذا كانت اسماً مضافاً إلى ما الموصولة، كما هي في الواقع في قوله تعالى (من شر ما خلق) في السورة الكريمة المعروفة، شملت كل شر لكل مخلوق، فلاستعاذة بالله من شر ما خلق على هذا الوجه هي استعاذة تامة كاملة لم تدع موضعاً لاستدراك مستدرك ولا للعب لاعب. فإذا أراد مغرور أن يلعب باللفظ تظرفاً واستطرافاً سقط سقطة الدكتور زكي مبارك. قد يكون الجمال خير ما خلق الله وقد لا يكون، لكن إذا كان للجمال شر يخشى ويستعاذ بالله منه فقد دخل في الشر المطلق شر كل مخلوق خلقة الله، وهو ما أمر الله الإنسان بالاستعاذة منه برب الفلق، فلا داعي هناك قط إلى تعوذ جديد من الجمال أو من غير الجمال
فانظر الآن إلى ما يطرأ على المعنى من التغيير والتضييق والنقض بجعل (شر) أفعل تفضيل كما فهم صاحب النثر الفني. لقد انفتح له بذلك من ناحية باب الاستدراك فقال إنه لا يتعود من شر ما خلق الله ولكن من خير ما خلق وهو الجمال. ومن ناحية أخرى صارت الاستعاذة على هذا الوجه مقصورة على شر أكثر خلق الله شراً، وتركت ما عدا ذلك من شر كثير حراً طليقاً يصيب من الإنسان ما شاء. فِأي استعاذة هذه التي تترك المتعوذ عرضة لأكثر الشر في جملته، أو لشر كثير على أقل تقدير؟ فلو كان هذا المعنى مقصوداً في كلام أديب لكان معيباً عند أهل البلاغة، ومع ذلك فهذا هو ما فهمه من كلام الله الدكتور زكي مبارك المستأثر ببلاغة النثر والشعر الحائز لدكتوراه الأدب العربي من باريس بكتابه النثر الفني الذي زعم فيه أن القرآن من كلام البشر ودعا فيه إلى نقد القرآن
فكان الله سبحانه أراد أن يضرب مثلاً لخلقه من إعجاز كلامه على يد شاك يظن أنه ملك ناصية الكلام، فقيض الدكتور زكي مبارك، لا ليبدل لفظاً من لفظ ليكون لفظ القرآن هو الأفصح والأبلغ، ولكن لينقل لفظاً تعينه من وجه إلى وجه، من الاسمية إلى الوصفية، ولا يكون هذا اللفظ إلا أبسط كلمة في أبسط آية يفهمها حتى عوام المسلمين في أنحاء الأرض، ليجئ المعنى تافهاً بعد مروره في ذهن الدكتور؛ وليتبين للناس مقل من هزة القرآن وإعجازه؛ وأن صاحب النثر الفني لا يفقه فرق ما بين الإعجاز وعير الإعجاز، وأنه ليس