للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التمجيد والتفخيم إطلاقاً، بدلاً من اختبار كنه النفس الفياضة بالإحساسات البشرية الصادقة الصافية. . .)

إلى أن يقول: (غير أن هذا الضرب من الإنشاء ربما كان مسافة إلى حديث يغلب عليه منطق الدفاع، وذلك ما انجذب إليه المؤلف لما عرض لقصة الإفك، فاجتهد في الجدل - وهو لصناعته حاذق - فأيد مذهبه بشواهد المعقول ونصوص المنقول، وربما لج في استخراج هذه، وأبعد في استنباط تلك، حتى أنه يمسي في مدارج المجاذبة والمدافعة مدرها لا باحثاً. . .)

ومعنى ذلك أننا أخطأنا لأننا نقضنا حديث الإفك وأسهبنا في نقضه، وإننا كنا نوافق العلم إذا رويناه ولم نعقب عليه، أو كان قصارانا في التعقيب عليه أن نقول: (إن قصة الإفك لا تحتاج إلى مثل ذلك الاجتهاد. . .)

إذن تكون علماء ولا نكون مدرهين مدافعين. . .!

وإذن يقر (العلم التبشيري) عيناً لأنه يستطيع أن يصيح يومئذ بين من يستمعون إليه: (أيها الناس! هذا قصارى ما يملكه الباحث في حياة السيدة عائشة من تفنيد لحديث الإفك وإبطال لدعوى المفترين عليها، ولو كان عندهم مزيد من التفنيد والتصحيح لجاءوا به ولم يسكتوا عنه)

وهذا هو العلم اللذيذ الشهي المعجب المطرب الذي يبرئنا من اللجاجة ولا يؤخذ علينا فيه عيب القدرة على الجدال

أما العلم الذي يسهب في تصحيح حديث الإفك دفاعاً عن سمعة السيدة عائشة فهو علم كريه بغيض عند المبشرين وأشباه المبشرين

هكذا يريدها كاتب (المقتطف) الذي يصطنع الدراسة العلمية لينفذ منها إلى هذه المآرب الخفية على ظنه، وما هي بخفية

إذ الواقع أن المسألة هنا أظهر من أن يسترها هذا البرقع الممزق المشنوء، وأن العلم الصحيح، والأدب الصحيح، براء من هذا العوج البين في التفكير والتقدير

والواقع أن الإسهاب في تصحيح حديث الإفك واجب علمي نلام على إهماله أو التقصير فيه، لأننا نكتب عن (شخصية) السيدة عائشة فلا نكون قد صنعنا شيئاً إذا نحن لم نمحص

<<  <  ج:
ص:  >  >>