وإني لماض في ترداد ما أذكره، أهمهم تارة، وأبين مرة، وأخفي أخرى، وأغمض عيني تارة، وأحدق في صاحبي طوراً، حتى رأيته قد فتح عينيه وصحا؛ وإذا بالبسمة ترف على ثغره الذابل، وبالرضى يشيع في وجهه الجاهم، وبالهدوء يسري في جسمه النحيل، وإذا به يقول بنبرة حنون: ما أبرع رقيتك! أخبرني بربك ماذا قرأت لي، وأي رقية هذى؟ كان قلبي خافقاً فهذا، وكان جسمي مضطرباً فسكن، وكان عقلي ساهماً فثاب. ألم أقل إنك صالح وفيك صلاح؟ علمنيها أرق بها نفسي!. . .
وانفجرت ضاحكا ضحكاً يدوي، وحرت فما أدري ما أقول. فنظر إليّ دهشاً وسألني: ماذا يضحكك؟ ولم لا تضن علي بها؟. . .
قلت هذى رقية لا يعلم سرها أحد، ولا يرقى بها أحد، ولا أعلمها أحداً!
وأخذت أعتذر، وأخذ يلح، وأنا أضحك في نفسي، وأضحك منه. فلما رأيته قد ضاق صدره قلت: اكتب رقيتي:
(هذا ربيعكما يا فتاتي الفاتنة، ويا طفلتي. . .)
فحدق بي وقال:(فتاتك وطفلتك! ماذا أصابك؟ لكأني أنا المعافى وأنت المريض، أبهذا رقيتني؟)
قلت:(نعم! ألححت علي فلم أجد ما أرقيك به غير رقية من رقى (الزيات) جرت على لساني. . .)
فضحك ضحكا متواصلاً، ونهض من فراشه واثباً، وأخذ يقول:(ارقني. . . فما أحب هذه الرقية إلي. إن فيها سحراً. . . وإن من البيان لسحراً!)
وكانت رقيتي مبدأ شفائه، فلعل الله أن يمن عليه بالصحة والعافية. . . ببركات (الزيات)!