وقد أشار أيضاً إلى اللوح الحائطية التي من تصوير أبي بكر المحتسب سنة ٣٦٥ في أول عهد الدولة الفاطمية، وكذلك إلى صور احمد بن يوسف المشهور بالأوسطي (أي الفنان) وكذلك صور محمد بن محمود. وإنه كان في عهد السلطان بيبرس رجل اسمه ابن دايا كان يشتغل بالسياسة والتصوير، حتى أنه لما عين بأمر السلطان سفيراً لدى بركه الأمير المغولي حمل إليه ثلاث لوحات من عمله تمثل مواسم الحج بمكة
نخرج من رواية المقريزي هذه بأن فن التصوير لم يكن متداولاً عند الفرس وحدهم، بل عند العرب أيضاً، وأن أساتذته كانوا مهرة تدل آثارهم كالشازوران الذي بأحد طرفي القنطرة والراقصتين، على إلمامهم بفن المنظور والتأليف كما في صورة يوسف عليه السلام وهو في الجب. وأن هؤلاء المصورين وإن كانت أكثر آثارهم حائطية، إلا أنهم فكروا أيضاً في التصوير فوق لوحات مستقلة كما رأينا عند الكلام على ابن دايا، وأن هؤلاء الفنانين كانت لهم مكانة في نفوس السلاطين والوزراء، كما أن العناية بآثارهم بلغت حداً بعيداً، حتى أنها كانت تزين بها الجوامع مما يدل على أنهم كانوا لا يأخذون بحرفية الأحاديث، ولكن بالغرض منها
أما كتاب ضوء النبراس الذي بحث في سيرة أولئك المصورين فلا ندري إذا كان من وضع المقريزي أو وضع غيره، لأن ذلك غير واضح في عبارته، وعلى كل حال فإن فقدان هذا الكتاب مما يدعو إلى الأسف الشديد.