وإنني كواحد يعني بالأدب ويعجب بالزيات والمبارك ويحب الرسالة من حقي أن أحزن وأتألم وأتأذى لما حصل، ومن حقي أن أنتصر لصاحب الحق في هذا الخلاف
إن السبب الذي إليه يعزو الدكتور مبارك هذه الخصومة هو أن الرسالة نشرت لأحد خصومه كلاماً آذاه وآلمه وأغاظه
ولا أخال أحداً ممن يعرفون الأستاذ الزيات على حقيقته - لا كما عرفه الدكتور مبارك أخيراً - يجاري الدكتور في اعتقاده ويقره على رأيه؛ لأن الزيات كما نعرفه ويعرفه غيرنا وكما عرفنا به الدكتور مبارك نفسه في أكثر من مناسبة أديب رضى الخلق كريم النفس سليم القلب نبيل القصد لا يخاصم إلا الباطل ولا يناجز إلا الضلال ولا يناصر إلا الحق. يعتز بأصدقائه ويعتز أصدقاؤه به ولا يختلف مع أحد منهم إلا على حق
ولعل الدكتور مبارك يذكر قوله في الأستاذ الزيات في حديث له مع الأستاذ طه الراوي نشر في الرسالة بعددها ٥٣٠ الصادر بتاريخ ٣٠ أغسطس ١٩٤٣ وهو (أن الزيات صديق مضمون) ولما سئل عن معنى مضمون أجاب (أن لها معنى ومعاني، فالصديق المضمون هو الصديق الذي لا يخشى تغيره بأي حال)
وكيف يكون الصديق (المفطور على العقوق) والذي لا ينفع معه عتاب) (والذي حرم نعمة الفهم لمعنى الصديق) صديقاً مضموناً؟ وهل حقاً أن الزيات مفطور على العقوق يا دكتور؟
إن كان تلفيقاً ما نشر في الرسالة من كلام أغضبك فأدحضه بما يتوفر لديك من براهين؛ أما أن تسكت عمن آذاك وآلمك وتنحي باللائمة على الأستاذ الزيات وحده فهذا ظلم؛ لأن الزيات بنشره ما نشر إنما يؤدي واجبه كواحد لا يحابي ولا يمالئ أحداً
والرسالة كما يعرفها كتابها وقراؤها وأنت منهم يا سيدي الدكتور ميدان تتصاول فيه الأفكار وتتبارى فيه القرائح وتتسابق فيه الأقلام فمن حقها أن تؤدي رسالتها الأدبية وفق الخطة التي وضعتها لنفسها
فكيف ترضى يا سيدي الدكتور أن تسلبها حريتها في التصرف بهذا الحق وتحرمها حقها في استعمال هذه الحرية فتطالبها بمراعاة صداقتك وهذا مما لا يتفق ومنهجها الذي تسير عليه