فقال: والله لئن لم تخرج مما قلت لأعاقبنك
قال: قال الله تعالى: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك)
وأنت فظ غليظ القلب، وما ننفض من حولك
٥٦٣ - فيم اقتحامك؟ - أريد بسطة كف
دخل الشيخ عبد الرزاق الشيبي على الحسن بن أبي نمي شريف مكة يستأذنه في السفر وركوب البحر، فأنشده الشريف قول الطغرائي:
فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مَصّة الوشل؟
فأنشده الشيخ على البديهة من القصيدة:
أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلي قبلي
فأمر له الشريف بقضاء دينه، وأمر له بألف أحمر، وترك الشيخ السفر
٥٦٤ - مشيت في مكرمة
في (تاريخ بغداد) بينا أبو السائب المخزومي (عبد الله ابن السائب) في داره سمع رجلاً يتغنى بهذه الأبيات:
أبكي الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
حسبي بأن تعلمي أن قد أحبكم ... قلبي وأن تجدي بعض الذي أجد
ألقيت بيني وبين الحب معرفة ... فليس تنفد حتى ينفد الأبد
وليس لي مسعد فامنن على به ... فقد بليت وقد أضناني الكمد
فخرج أبو السائب من داره يسعى خلفه، فقال له: قف، أنا مسعدك، إلى أين تريد؟ قال: إلى خيام الشعف من وادي العرج، فأصابتهما سماء شديدة فجعل أبو السائب يقرأ: (فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)
ثم رجع إلى منزله وقد كادت نفسه تتلف، فدخل عليه أصحابه وإخوانه فقالوا له: يا أبا السائب، ما الذي تصنع بنفسك؟ قال: إليكم عني، فإني مشيت في مكرمة، وأحييت مسلما، والمحسن معان. . .