وهكذا نجد أن اللحن كله أغنية عذبة تغمغم بها مصر المفتان على شاطئ البحر الأبيض. وإذا صح أن من كلام الشاعر كلمات تدل على شاعريته، فكل كلمة من كلمات تلك الأغنية طابع قوي تشهد لرامي بالشاعرية الفريدة الفذة. . . وحسبك أن تتخيل ذلك الموج الهائم في البحر، حتى إذا وصل إلى الشاطئ:
ريّح جنبه. . . ووشوش الرمل النادي!
ومن الصور القلية البارعة التي ضمنها رامي إحدى أغانيه لأم كلثوم، صورة الليل المصري المقمر في أغنية (أبات أناجي خيالك). . . كما نسمع الطبيعة المصرية بحقولها وأشجارها وأطيارها وأنهارها تنادينا أعذب النداء وأرقه في أغنيات: يا ما نديت. . . و. . . فاكر. . . و. . . بكرة السفر، وفرحة القلب، وليالي القمر، ووداع،. . . ولكنها صور عارضة لا تستغرق الأغاني كلها، كما نلاحظ في الأغاني التي نظمت لغير أم كلثوم
ومن الصور الجيدة في أغاني رامي تلك التي يبرر لنا فيها القلب الإنساني في شتى انفعالاته الغرامية، وفي مواساته هوله، كأنه صديقه الأول. . . من ذلك تلك الصور الرائعة في أغنيات: يا طول عذابي، وما لك يا قلبي، وإن كنت أسامح، وسكت ليه يا لساني. . . ثم في أغنية، عنيّة فيها الدموع:
عنيّه فيها الدموع ... والجو ساكن وصافْي
والقلب بين الضلوع ... حيران على خل وافي
طاير يهفهف جناحه ... عدم في عشه الأمان
لا حد واسى جراحه ... ولا سقاه الحنان
لو كان مهنّى ... لبات يغّني
لكن حزين ... شدوه أنين
ينوح على الأغصان وحده ... ويشتكي لليل وجده
. . . الخ. . .
وأغاني رامي. . . مثل شعره. . . مليئة بالمعاني البكر التي لا نعرف أن أحداً سبقه إليها، وهو مع ذاك يؤديها في عذوبة ورقة متناهيتين. . . من ذلك قوله في أبدع أغانيه (ميعاد):