للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمام الناس:

لما كان الصوفية يقولون: كل ما وقع في هذا الكون فهو حق، وأنه لا باطل إلا المحال كما هو مذكور في رسائل التعليقات، تساوت عندهم المتضادات، فالشر كالخير، والضلال كالهدى، كلاهما حق، لأنه واقع، ولو كان باطلاً لما وقع، لأن الباطل هو المحال الممتنع الوقوع، ولكن هذا التساوي في المتضادات إنما هو بالنسبة إلى الوجود الكلي - أي إلى ذات الله - لا بالنسبة إلينا، فذات الله في رأيهم لا يصدر عنها الباطل، بل كل ما صدر عنها فهو حق، وهم يستدلون على ذلك بآيات من القرآن كما هو مذكور في رسائل التعليقات

. . . . . . . . . ولا بد أن الأستاذ خشبة قد قرأ كتاب التصوف الإسلامي للدكتور زكي مبارك واطلع على ما نقله عن الجيلي من أن الله هو الهادي وهو المضل، وأن الضال متحقق بصفة الضلال، كما أن المهتدي متحقق بصفة الضلال، وأنهما أمام الله سواء، كما هو مذكور في رسائل التعليقات أيضاً، وهذا صريح في أن تساويهما إنما يكون أمام الله، أي بالنسبة إلى الله، لا بالنسبة إلينا)

فما رأي العقلاء في العالم الإسلامي كله في هذا؟!

لقد فزع الدكتور زكي مبارك (نفسه!) من الأخذ بهذا الضلال، وفزع منه على الأخلاق والقوانين والشرائع، فطمأنه الأستاذ الرصافي بأن التساوي إنما يكون أمام الله لا أمامنا نحن، أي بالنسبة إلى الله لا بالنسبة إلينا. . . لأننا لا وجود لنا، لأن الوجود الكلي المطلق هو الله. . .

إن الأستاذ الرصافي يطلب إلينا تفسير الآيات التي استشهد بها المتخبطون على لغوهم هذا، وهو يطلب إلينا ذلك ظاناً أنه يوقفنا أمام مشكل صوره له اضطرابه. ونحن نطمئنه، لأننا سوف نعود إليه،. . . ثم نسأله هل ينكر أنه ينكر البعث كما يؤمن به المسلمون، وأنه ينكر القرآن كلام الله، بل هو كلام محمد ألقى في روعه أنه يقوله بلسان الله، وأنه لا معنى للعقاب والثواب والحساب إلا على الصور الجنونية التي زخرفها له وسواسه، وأنه ينكر الأدعية، ومنها الصلوات، لأنها لن تغير من قوانين (الوجود الكلي المطلق شيئاً)؟!

وبعد. . . فهل صحيح أن الرصافي لم يدعنا إلى شيء؟! هل نسي ما علق به على ذلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>