أن يدفعوه من ضرائب فيصيحون بها أن أمسكي عن إنصاف المظلومين من الموظفين، وقد عضتهم الحياة بأنيابها، مع أن الضرائب في بلادنا قلما تصل إلى أكثر من ١٢ % بينما هي لا تنحط في أي بلد أوربي أثناء السلم عن ٣٦ % على نسب تصاعدية عادله. ورأيت ناشرين من التجار الجشعين، يتحكمون في عقول الكتاب وأقلامهم، وينزلون بهم إلى حد الدعارة العقلية لتروج البضاعة التي يقبلونها منهم. وأخيراَ كم بين المتعلمين من عاطلين؟! ولقد جاءت تلك الحرب فقلبت أوضاع الحياة الاجتماعية، فإذا بالعزيز ذليل والصعلوك ثري كبير، ونمت روح الدجل والنصب والاحتيال والنفاق حتى لأعتقد مؤمناً أنه لا بد لتستقيم الحياة الاجتماعية من أن يعاد إليها اتزانها بأية وسيلة كانت
ليست هناك هيئة اجتماعية تستحق الاحترام إذا لم يقدس فيها الفكر، وهذا الفكر هو القوة التي نسيطر بها، لا على النفوس فحسب، بل على المادة أيضاً. وهاهي الحرب قد أوشكت أن تنتهي، وأنا على ثقة من أن العمالية الفكرية ستحزم أمرها، وهي التي تقود الرأي العام، فتطالب بحماية حقوقها وتوفير كرامتها وضمان استقلالها المادي حتى لا يستذلها أحد. وإنه لمن غريب الأمر ألا ترى ببلادنا إلى اليوم قانوناً يحمي الملكية الأدبية والفنية، ولا نقابات للعقليين الذين يزاولون النشاط الحر والثقافة غير المهنية، وإذا أريد لتلك النقابات النجاح، فمن الواجب أن تنحى عنها السياسة، وأن يكون تكوينها سليماً.