للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يوجه فيها أغانينا التوجيه الصالح الواسع الأفق، الذي يخرج بتلك الأغاني من (دنيا التخت) إلى دنيا المسرح، وإلى دنيا الأوركسترا الراقصة الطروب اللعوب. . . وقد يُعترض على هذا بأنه ليس من عمل الشاعر الذي ينظم لحساب غيره. . . ونحن نرد على ذلك بأنه كلام لا يصح أن يعتذر به لرامي المثقف الذي يعرف من فنون الثقافة الشعرية الأوربية أزهى ألوانها وأبدع ضروبها، ويعرف أن الأغنية التي ترسلها أم كلثوم على التخت، غير تلك الأغنية ذاتها إذا أرسلتها وهي تؤدي دورها في مأساة أو ملهاة أو درامة أخلاقية، لأن الأغنية حينئذ يكون لها جمالها الخارجي الذي يضيفه عليها الموضوع، لا جمالها الداخلي الذي تكسبه من ذاتها فحسب. . . ورب معترض يقول إن رامي قد صنع هذا الذي نطالبه به في أغنياته الكثيرة التي نظمها للأشرطة السينمائية الإثني عشر التي طلب إليه نظم أغانيها كلها أو بعضها. . . وأنه مؤلف (وداد ودنانير). . . ونحن نوافق على أن هذا صحيح وجميل، إلا أنه شيء آخر غير الذي نطالب به رامياً. . . إننا محرومون إلى اليوم من الرواية التمثيلية الغنائية الكاملة أو التي يصل أغانيها وكثيراً من حوارها النثر الخفيف، وهذه الرواية التمثيلية الغنائية شيء عظيم بارع في آداب أوربا وموسيقاها وهو غير موجود إطلاقاً في أدبنا أو في موسيقانا. . . فمن من شعرائنا جميعاً - غير رامي - هيأ الله له تلك الفرصة الذهبية النادرة من حيث اتصاله بالموسيقيين والملحنين والمطربين ثم أساء استغلالها كما أساء استغلالها رامي، فلم ينتفع بها في إحداث تلك الثورة التي سوف تظل أغانينا ناقصة معيبة شوهاء ما لم يجرفها تيارها، وما لم تحترق في نارها فتخرج زكية سنية ذات روح وذات لألاء وذات جوهر نقي مُصفى

٣ - ولعل غلطة رامي في ذلك - أنه قصر صداقته الفنية على أبطال موسيقي (التخت) - وهم - مع إجلالنا لهم وإعجابنا بهم والإشادة بذكرهم في غير مناسبة، قوم أميون في ثقافتهم الفنية، فهم لا يفهمون ما الأوبرا وما الأوبريت، ومن الخبال أن نطالبهم في ذلك الميدان بشيء هو ضد طبائعهم، وعكس سلائقهم الفنية، التي لا تزيد كثيراً على تكرير الغناء وتسنيده أو التمهيد له - ولذلك فنحن نستحثهم أن ينتفعوا بفرصة معهد الموسيقى والغناء المسرحي، فلا يدعوها تفلت منهم، لأن في إفلاتها القضاء عليهم. . . وهذا موضوع آخر له حينه ومقامه إن شاء الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>