(أنا لحبيبي وإليَّ اشتياقه. تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل. ولنبت في القرى. لِنبكرن إلى الكروم، لننظر: هل أزهر الكرم؟ هل تفتح العقال؟ هل نوَّر الرمان؟ هنالك أعطيك حبي. اللقاح يفوح رائحة، وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبي)
فهنا صورة للحب الفطري، كأنما هو قطعة من حب الطبيعة، يتفتح حين تتفتح، ويفوح حين تفوح، الحبيب فتى يقفز من فوق التلال المشعبة كالأيّل، والحبيبة كالنخلة وثدياها كالعناقيد. وهما يبرزان للطبيعة ويتواريان فيها كأنهما من كرومها الفائحة المتفتحة، أو ظبائها وأيائلها الطافرة. أو يمامها في محاجيء الصخر وستر المعاقل. ثم:
(لننظر هل أزهر الكرم؟ هل تفتح العقال؟ هل نوَّر الرمان؟ هنالك أعطيك حبي؟ اللقاح يفوح رائحة. وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبتي)
وهذا منتهى الإحساس بحيوية الطبيعة، والاستجابة، كما تستجيب الطبيعة، وفي إبانها المناسب وأوانها المعلوم. وكل هذا من خلال الصورة والظلال التي يرسمها التعبير للطبيعة وللنفس الإنسانية على السواء. وهي أعلى في آفاق الفن من كل دعاء بالغزل على طريقة المعاني الذهنية التي تكاد تكون الوسيلة الوحيدة للتعبير في شعر العذريين وغير العذريين، فيما عدا الفلتات التي لا تكون القاعدة، وإنما تكون الاستثناء القليل
وفي ظل هذه المقطوعات القديمة نتملى قطعة الشاعرة الإنجليزية المعاصرة المرموز لها (لورانس هوب) التي نقلناها في مقالة سابقة تحت عنوان (في غير هذه الليلة) وقد جاء فيها:
لا. حين تشتهي استجابة الحب الكبرى
أقبل علي والصباح يرتع في الأنوار
والبلابل من حولنا مشوقة تصدح بالغناء
بين الورود من حمر وبيض
وبقيتها في (عرائس وشياطين) وفي عدد الرسالة (٥٧٩) وقد قلنا في التعليق عليها هناك:
هذه شاعرة وامرأة، يبدو في مقطوعاتها طريقة إحساسها بفرح الطبيعة وحزنها، وتتبين الوشائج الحية بينها وبين هذه الأم الكبيرة
عنينا باستعراض قطعة هاردي في ظل قطعة (الجامعة) وقطعة (لورنس هوب)، في ظل