وأقول من سلب الزهورَ رحيقَها ... وهفا إليك بصفوها فسقاك
وأقول والأشجان تنهك مهجتي ... والقلب يصهره الأُوارُ الذاكي
لو قد سألت بنا! فزوجك مُوحش ... وبنوك واجمةٌ وُعشُّك باك
بهواك - والدنيا جناح بعوضة - ... عندي إذا قُرنت بطهر هواك
بالضاحك النشوان من عهد الصبا ... في المشرق المأنوس من مغناك
وبكل ضمة مُتعة وهناءة ... أضفى عليَّ نعيمها حِضناك
وبكلِّ عذبِ اللحن من قُبل الهوى ... نضحت بها شفتي المُلَحةُ فاك
قسما فلم تلتذَّ غيركَ أضلعي ... يوماً ولم يصرخ دمي لسواك
فامضي كأغنية الربيع ترقرقت ... ألوانها في نورِه الضحاكِ
وامضي كنيِّرة السماء كريمة ال ... روحات والغدوات والأفلاك
أملاعبَ الصبواب من حرَم الحمى ... هوجُ الخطوبِ أذلن عزَّ حِماك
راش الزمانُ سهامَها وأحدَّها ... فرماك ثم رماكِ ثم رماكِ
كانت رباك خمائلاً وجداولاً ... وشمائلاً. أمن الجنان رباك؟
المسكُ ليُلك سحرُه وعبيرهُ ... ورقائق الذهبِ الصقيل ضُحاك
وتظلُّ أرواح العشيِّ عواطلاً ... من عَرِفها ما لم تمسَّ شذاك
كيف الغدير السمح. ساق لُجينَه ... فسقاك. والوشىَ البهيجَ كساك
هل لم تزل قبلاتُ ضاحِك مائه ... تترى على صفصافه المتباكي
أم بُدِّلت أمواهُه وخريرُه ... عبراتِ نائحةٍ وزفرةَ شاك
والقصر. كيف مشى الردى في ساحه ... مشيَ الوباء العاصفِ الفتاك
قد كان مرتعَ كل ظبيِ لاعبٍ ... أَنِسٍ. وخيسةَ كل ليث شاك
درجت طفولتنا على جنباته ... ونما هوانا في ثراهُ الزاكي
في كل موضع نبتة من روضه ... ذكرى لموقف لوعةٍ وتشاكي
لما التقينا هاج دمعك أدمعي ... أبكانيَ الشجنُ الذي أبكاك
أبصرتِني فرداً فعاودك الأسى ... لله أيَّ جوًى أثار أساكِ
عزفت عن الشدو الطيور وأجهشت ... أيكاتُك العبْري وجفَّ نداك