ومصر وحدها هي الجديرة بهذا العمل الجليل وإليها نتقدم به. من هذه الطريقة يتعرف العالم بالإسلام، ويجد فيه من دون ما عنت، ولا إرهاق الوجوه التي قد تعجبه في علاج الأزمات. والعالم اليوم لا يجد حرجاً في السماع لكل قول والتعرض لكل رأي، يقرأ ذلك في الكتب أو ينصت له في الإذاعات أو يعرض على أنظاره في المشاهد
إن العالم اليوم ليعرف القرآن من طريق الإذاعة، ولكنه لا ينجذب إليه ولا يأبه به، لأنه إنما يطرق الأسماع بنصه العربي. وليست العربية لغة شائعة ولا هي ضرورة من ضرورات الثقافة العالمية. وكل ما يراد من إذاعة القرآن اليوم إنما هو غرض دعاويَّ بحت يقصد منه التحبب إلى المسلمين واجتذابهم بالنغمة الناعمة الساحرة. والعالم الإسلامي لا يجتني أية فائدة من هذه الطريقة التي يذاع بها القرآن، كلا ولا العالم يستفيد شيئاً من القرآن بهذه الإذاعة. وإذا نحن استمررنا على الرضاء بهذه الحصة الفارغة من الإذاعة العالمية فستنقضي الحرب، وتستغني الإذاعات الأجنبية عن القرآن. وبذلك تضيع أمكن فرصة اغتنمتها البشرية لاجتناء أكبر الفوائد وأحسن النتائج، ونضيع على العالم غروضاً قد يستفيد منها ما يؤدي إلى أفضل مما يصل إليه وهو على جهل بهذه العروض
إن في الإسلام يقيناً لعلاجاً لأزمات الإنسانية الحائرة، وإن فيه لأسساً قويمة في الحياة؛ في الدولة والتشريع. وفي الاجتماع والمعاش، وإن فيه لصلة روحية تسمو بالإنسان عن طغيان الشهوات والميول الفاسدة، وتفترض بين الأفراد وحدة عالمية لا غنى عنها لبعض دون بعض، وفي القرآن الشيء الكثير مما يهتدي الباحث المجد. فلنتقدم بالإسلام بين هذه الفروض والأسس التي تقترح لإعادة بناء العالم، والإذاعة العالمية زعيم بإبلاغ القرآن إلى كل قلب بعد أن شغلت به كل أذن. والى مصر نتوجه بهذا الرأي.