تفضل حضرة الأستاذ العلامة دريني خشبة في مقاله الأخير في الرسالة (حرية الفكر أيضاً)؛ فألمع إلى كلمتي الأخيرة في العدد الأسبق. ثم وضع لنا قانون حرية الفكر (والقول). وزبدة قانونه:(فليعتقد من يشاء ما يشاء بشرط ألا يجعل عقيدته دعوة يدعو إليها ويجهر بها الخ.) فعجبنا كيف تكون الحرية حرية متى قيدت بشرط أو شروط
ولأنني أعلم، وقد ازددت علما مما لاحظته في سياق النقاش في وحدة الوجود في الرسالة، إنه لا يجوز البحث في هذا الموضوع الذي اتفقت على بطلانه تعاليم الأديان الثلاثة. ولذلك حذرت سادتنا الكتاب من التوغل في موضوع قد بت فيه منذ مئات بل آلاف من السنين لئلا ينسب إليهم الإلحاد، وإنما رغبت أن يتجنبوا تهمة الإلحاد لأني أشفقت عليهم من غضب الجمهور الذي قد يثور على الملحدين. وكدت أنا أقع في نفسي ما حذرت منه إذ أصبحت في عرف أستاذنا العلامة دريني ملحداً أو زنديقاً لأني أعتقد بالمادة
لا باس أن ينعت المؤمن بالمادة ملحداً أو زنديقاً. ولكن ما قول أستاذنا فيما إذا اختلفت عقائد المؤمنين بالله؟
إن أصحاب الأديان الثلاثة يعتقدون أن الله خالق هذا الوجود ومدبره. ولكن لكل طائفة عقيدة بالله تختلف عن عقيدة غيرها. (فالله) الإسرائيليين يوصف بأنه (يهوه رب الجنود) أي إنه قائد حربي ينصر شعبه على أعدائهم. و (الله) النصارى ذو ثلاثة أقانيم في واحد. و (الله) المسلمين واحد أحد لا شريك له
وقد نضيف إليهم (الله) سقراط وتلاميذه الذين يعتقدون أن الله موجود مع الكون مستقل عنه ومدبره ولكنه لم يخلقه.
وهناك عقائد مختلفة بالله في الشرق الأسيوي وجزر الباسفيك القصوى. فمن هم الزنادقة؟ وفي نظر من هم زنادقة؟ وهل يحرم على أولئك المنسوبة لهم الزندقة أن يقولوا عقيدتهم. إذا أين حرية الفكر؟ وهي بيت القصيد في كلمتي الماضية وفي هذه أيضاً
أود أن يعلم حضرة الأستاذ جيدا أني لست أناقش في عقيدة معينة من العقائد الدينية. ولا أدافع عن عقيدة خاصة حتى ولا عن حرية الفكر. فما دامت الحرية غير مقيدة بسلاسل ولا