تميل إلى التعشق الذاتي والاكتفاء بالذات، في حين جعلت الرجل يميل إلى التعشق الغيري والخروج عن الذات. فالمرأة - كما يقول فرويد - حينما يكتمل نموها وتنضج أعضاؤها الجنسية (بعد أن كانت من قبل في حالة كمون يتزايد لديها الشعور بالتعشق الذاتي، فتنزع إلى الاكتفاء بذاتها - وتزداد قوة هذا النزوع إذا صاحبه اكتمال في الأنوثة والجمال، فيترتب على ذلك أن تعشق المرأة نفسها (فحسب) عشقاً يقرب في شدته من عشق الرجل لها. ولهذا نجد أن المرأة لا تريد أن تحب، بل أن تكون محبوبة، فإنها بطبيعتها لا تريد أن تكون طالبة، بل أن تكون مطلوبة. وإذا تهيأ للمرأة حظ كبير من هذا (التعشق الذاتي) فإنها تكون جذابة إلى أبعد حد، لأن التعشق الذاتي من شأنه أن يجتذب انتباه أولئك الذين تخلوا عن جزء من عشقهم الذاتي، وراحوا يلتمسون (موضوعاً) آخر لعشقهم - والسر في هذه الجاذبية، يرجع إلى أن المرأة (النرجسية) تكون في العادة جميلة الخلقة (لأن فرط الجمال هو الذي يدفع إلى التعشق الذاتي)، فضلا عن أن اكتفاءها بذاتها من شأنه أن يحيطها بهالة سحرية من الغموض المستحب الذي يزيد الرجل ولوعاً بها! ولكن هذا لا يمنع من أن تكون هناك طائفة أخرى من النساء، يتخذ الحب عندها شكله المعروف لدى الرجال، فتنزع المرأة إلى البحث عن هدف من الجنس الآخر تجعله موضوعاً لحبها؛ ويكون هذا لنزوع مصحوبا بتقدير مبالغ فيه للناحية الجنسية
ويجب أن نلاحظ أن الحاجة الجنسية لدى المرأة تختلف عنها لدى الرجل، فإن اللذة الجنسية عندها ليست غاية في ذاتها كما هي عند الرجل - وإنما هي مجرد وسيلة لغاية أخرى تفوقها، وهي الأمومة: فغريزة الأمومة عند الأنثى أقوى بكثير من الغريزة الجنسية، كما تدلنا على ذلك التجارب التي أجريت على فصائل الحيوان. وإذا كانت المرأة - كما يقول مارانيون - تشعر بميل إلى الحياة الجنسية، فما ذلك إلا لكي تتخذ من الرجل وسيلة تحقق بها غاية الأمومة التي هي عندها كل شيء. ففي أبعد أغوار نفس المرأة، تكمن الرغبة في الأمومة. وهذه الرغبة القوية هي التي تصبغ بصبغتها كل حياة المرأة. أما اللذة الجنسية فهي عند المرأة بمثابة عرض مصاحب يقترن بالشعور الذي تظهره نحو ذلك الرجل الذي اختارته لكي يكون أباً لأولادها. ومن أجل ذلك فانه إذا كان الرجل قد يطلب اللذة الجنسية للذة الجنسية نفسها فإن المرأة لا يمكن أن تقنع بذلك مطلقاً، لأن كل ارتباط