وفدك، وقال: هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه، وأمرهما إلى من ولي الأمر. وقد أخذ عمر عليهما عهد الله وميثاقه ليعملان في الصدقة التي دفعها أليهما بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عمل هو فيها إلى أن دفعها أليهما، فكانا بذلك نائبين عنه في النظر عليها. وقد اختلف علي والعباس بعد ذلك فيها، فأتيا عمر وطلبا منه أن يقسمها بينهما، فأبى أن يقضي فيها بغير ما قضي به، وطلب منهما أن يدفعاها إليه أن عجزاً عنها
ولكن علياً غلب العباس بعد ذلك على هذه الصدقة، ثم كانت بعده بيد الحسن، ثم بيد الحسين، ثم بيد علي بن الحسين والحسن بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسن، ثم كانت بيد عبد الله بن حسن، ثم ولي بنو العباس فقبضوها، وغلبوا أبناء علي عليها، وكان من يتولى منهم يولي عليها من قبله من يقبضها ويفرقها في أهل الحاجة من أهل المدينة، ومكث الأمر فيها على ذلك إلى رأس المائتين من الهجرة، ثم تغيرت الأمور فيها بعد ذلك، وزالت الأوضاع فيها عما كانت عليه إلى ذلك العهد
وأما سهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك فقد مكث بيد أبي بكر وعمر مدة خلافتهما، وكانا يقدمان منه نفقة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها مما كان يصرف منه، وما فضل بعد ذلك يجعلانه في المصالح، ثم اختلف في أمره بعدهما، فقيل أن عثمان بن عفان أقطع فدك مروان بن الحكم، لأنه رأى أن الذي يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون للخليفة بعده، فاستغنى عن فدك بأمواله ووصل بها مروان بن الحكم: وقيل أن الذي أقطعها مروان بن الحكم معاوية بن أبي سفيان، فوهبها مروان لأبنيه عبد العزيز وعبد الملك، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز وللوليد وسليمان بن عبد الملك، فلما ولي الوليد سأله عمر حصته منها فوهبها له، ثم سأل سليمان حصته منها فوهبها له أيضاً، فاستجمعها كلها في يده، وكانت أحب أمواله إليه. فلما ولي الأمر بعد سليمان جمع بني مروان فأشهدهم على أنه ردها إلى ما كانت عليه مدة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين
فلما كانت سنة عشر ومائتين أمر المأمون بدفعها إلى ولد فاطمة رضي الله عنها، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة: أما بعد، فإن أمير المؤمنين بمكانه من دين الله،