فلما طوف كثيراً، عاد فنزل عند ولمار نفسه زوج جوليا. وحادث جوليا أول محادثة، وكانت خجلى، وحاولت أن تبدي عذرها في زواجها، ولكن زوجها فاجأهما. . .
يقول روسو (. . . ولم تعبأ، وظلت تتكلم بحضوره كأنه لم يكن. وعندما سكتت قال لي: هذا مثال من الصراحة التي تسود هنا. وإذا شئت أن تكون فاضلاً حقاً، فاتبع هذه السبيل. هذا هو الرجاء الوحيد والأمثولة الطيبة اللذان أقدمهما لك. أن أول خطوة نحو العار أن تخفي الأعمال العلانية. إن حكمة واحدة يمكن أن تحل محل الحكم كلها. وهي: لا تعمل ولا تقل ما لا تريد أن تنظره من الناس أو تسمعه منهم. . .)
لقد حاولت جوليا إدراك سلام القلب مع زوجها، رغماً عن هواها القديم الذي يثور في فؤادها. وهكذا انقلبت الرواية إلى درس أو منهج للأخلاق
لقد أراد أن يثبت أن الإخلاص بين الزوجين هو أهم واجبات الزوج شأناً، وأن الهوى العنيف عندما تكون الفتاة عذراء، إذا دام بعد زواجها من لا تحب يصبح جريمة. وأن المرأة تستطيع أن تنشئ حياة سعيدة على أنقاض حب عظيم
وتقضي جوليا العيش مع زوجها، في الحقول، يراقبان الخدم، ويوجهان الزارعين، ويعنيان بالكروم
ويعجب سان برو، بحكمة دلمار وجوليا ورجاحة عقليهما. ويصف الخدم والحديقة، وصفاً ممتعاً، ولكنه لم يستطع أن يطفئ لهب هواه، أو ينسى حبه القديم فقد كان كل شئ يذكره ويذكرها بنعيم مضى. . . وعندما اتخذت جوليا قارباً تتنزه فيه، فكرا معاً في ذلك الماضي الجميل (. . . كان صوت المجاديف المتزن، يثيرني لأحلم، وكانت صدحات دجاج الحقول المرحة تذكرني بنعميات عمر مضى فتحزنني بدلاً من أن تفرحني. وشعرت، رويداً رويداً، بازدياد الغم الذي كنت به مثقلاً. فلا صفاء السماء، ولا طراوة الهواء، ولا شعاعات القمر اللطيفة، ولا رعشات الماء الفضية حولنا، حتى، ولا وجود هذه المخلوقة العزيزة، لم يستطع أن يطرد عن قلبي ألف فكرة مؤلمة. . .)
وينهى روسو روايته بموت جوليا. بعد أن أوصت سان برو بزواج كلير ابنة عمها، ولكنه أبي. وعاش مع كلير ينشئان أولادها، وفاء لها
تلك خلاصة موجزة عن هيلوئيز الجديدة. ولقد أوتيت من الانتشار ما لم يقدر لغيرها.