الجملتين، الحالية والوصفية، عند تجريد البيت المعدل هكذا لتقدير فائدته جائز عند الإخبار، غير جائز عند التشبيه، لأن الجملة الحالية - والماء من حولنا - هي من صميم المشبه في بيت التشبيه، وليست من صميم اسم إن بعد أن صار البيت إخبارياً. أي أنها جزء أساسي من المشبه، وليست أختها الوصفية - حولهم ماء - إلا صفراً في المشبه به في البيت فطرح كل منهما من طرفي البيت لتصفيته وتقدير قيمته ممكن في حالة الإخبار، غير ممكن في حالة التشبيه
وأنا مع الأستاذ في أن المبتدأ والخبر - لولا الوصف بالجلوس - ليسا من باب قول أبي النجم (وشعري شعري)، لا لأنه لا يحتمل شيئاً مما يحتمله قول أبي النجم كما يرى الأستاذ، فإن المسألة في مثل هذا مسألة توجيه الذهن إلى معنى غير ما في ظاهر اللفظ، وتوجيه الذهن ممكن في الحالين، ولكن لأن قائل البيت لا ينتظر منه مثل هذه الالتفاتة الذهنية، لأن الذي يعجز عن أن يغاير بين طرفي التشبيه يكون عن مثل هذه الالتفاتة أعجز
على أن الأمر كله هين من الناحية التي كتبت من اجلها الكلمة المنقودة. فلو صح نقد الأستاذ كله لما غير شيئاً من السبب الذي من أجله خطأت صاحب النثر الفني في فهمه أن البيت بالغ الصدق وبالغ التفاهة معاً. ولا أظن الأستاذ يصوب صاحب الكتاب في هذا. والتعديل الذي اقترحته وتعقبه الأستاذ لم يكن، كما قلت، إلا من باب الاختيار العملي للرأي الذي ارتأيته. ولو شئت لاختبرته من الطرف الآخر، بإبقاء حرف التشبيه وإدخال المغايرة على المشبه به، كأن يكون - طير جثوم حولها ماء - بدلاً من قوم جلوس. وهذا يرفع البيت حالاً من الوهد إلى النجد، ويجعله في حالة التشبيه أعلى مرتبة منه في حالة الإخبار، لوضوح التشبيه وخفاء الاستعارة فيما يبدو. لكن الأمر لا يستحق كل هذا التدقيق
أما النص المنقول من كتاب إعجاز القرآن فأمره أهم. والنص محل الخلاف هو: (السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع. وليس كذلك ما اتفق مما هو في تقدير السجع من القرآن، لأن اللفظ يقع فيه تابعاً للمعنى. وفصلٌ بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه، وبين أن يكون المعنى منتظماً دون اللفظ. ومتى ارتبط المعنى بالسجع كانت إفادة السجع كإفادة غيره. ومتى ارتبط المعنى بنفسه دون