كزنبقةٍ في زُهَى حُلّة ... ربيعيةِ الوشْي محمرَّةِ
تبثُّ المراعيَ نوراً يشفُّ ... ويجلو الطهارة في النظرة
كأني بها قدحاً مُتْرَعاً ... به مُزِجَ السمُّ بالخمرة
لها وهج الحب في قبلة ... على شفةٍ شِبْهِ مُفْترة
ألا إنها هي بُقْيا الهوى ... وآخِرُ ما فيه من نضرة
ألا إنها هي صهباؤه ... وآخر ما فيه من قطرة
تميتُ وتُحْيي فيا لَلْحياةِ ... والموتِ إِلْفَيْنِ في زهرةِ!
إن أنا قاومتُ هياج العبابْ ... مصطرعاً والأفقُ داجي السحابْ
ولم تَدَعَ كفي إلى زورقي ... زمامَهُ حُمراً وخضتُ الصعاب
فسوف يُلقيه خفيُّ القضا ... محطماً فوث الصخور الصلاب
وإن قوى ساعد عاجزٌ ... أن يُمسك المجداف دون اضطراب
إن عاند الأمواج فهو الذي ... يحفرُ في اليم حَفِيرَ التَّباب
وهو الذي يسعى إلى حتفه ... في هوَّة مَغفَورة في العباب
فلْيُلْقِ بالمجداف من كفه ... وليترك الموجَ طليق الرغاب
ولِيَمْضِ بالزورق ما يشتهي ... إلى القضاء الحتْم دون ارتياب
وليبتلعه الموجُ في جوفه ... فلا مفرَّ اليوم مما أصاب
طال كفاحي ويح نفسي فما ... طول كفاحي غير طول العذاب!
أطلَّ الخريف بأعقاب ليل ... دجيِّ الظلام بكيِّ السُّحبْ
وآخر ما في الربى زهرة ... عداها من الصيف وقْدُ اللهب
غدت وحدها في أديم عفا ... من النَّور والورقات القشب
كحارسة الميْتِ ليست تَرِيم ... مكاناً به وقفتْ تضطرب
تُساقط من حولها أدمعاً ... غصون تطالعها من كثَب
جرى الغيث، من ورقات بها ... إلى أُخَرٍ شاحبات، صبَب
تحدَّر مختِنقاً فوقها ... بلا نَبْأَةٌ قَطْرُهُ المنسكب
فيا من لها زهرة الجورحين ... مَنِ الزائرُ الحائرُ المقترب؟!