ثِقِي بملاَّحكِ في المأزقِ ... إني أنا ابن الموج والعاصفاتْ
ألشعَرَاتُ البيضُ في مفرقي ... تُنْبِيكِ عن أياميَ الخاليات
آثارُ عمر مُرعدٍ مُبْرق ... تعصف فيه أروعُ الحادثات
ما كدَّرتْ من روحيَ المشرقِ ... تلك الليالي القُلَّبْ المظلمات
حبيبتي من أيِّ قلبٍ حزينْ ... وأيِّ روحٍ عبقريِّ الألمْ
وأيِّ وادٍ للأسى أو معين ... فجرَّتِ لحناً من أرقِّ النغم؟
وَصَفْتِ فيه زهرة (الْجُوِرجين) ... حارسةَ المْيتِ بوادي العَدَم
وَخِلْنِهَا كالكأس ذات الرنين ... بَّراقةً فيها الردى يبتسِم؟!
بكيتِ بالدمع السخين الذريفْ ... على غرام خِلْتِهِ قد مضى
وأبصرت عيناكِ ظلَّ الخريف ... يُجللُ الأرضَ ويغشىَ الغضا
تخضبُ كفَّاه النضيرَ الوريفَ ... وَرْساً، وتُدْمِي الزنبقَ الأبيضا
وتُخرس الطير بليلٍ شغيف ... يروعُ فيه القلبَ أن ينبضا!
هذا الخريفُ الْجَهُنم تمشي خُطاهْ ... على الربيع الذَّابلِ المحتَضرْ
كآبةٌ تحجبُ أُفْقَ الحياهْ ... سحابةً تخنقُ ضوء القمرْ
أختاهُ! هذا الحبُّ غَضُّ صِباهْ ... أيُّ عذابٍ صاغ هذي الصورْ؟
لم يَبْرجِ الشاطئَ، إنِّي أراهْ ... كعهدهِ في الموعد المنتظر!
كان حديثُ القَدَرِ المبهَم ... مثارَ هذا الخاطر المفزعِ
برغم قلبي: صحتُ لا تُقدمي؟ ... وكان ما كان فلم تسمعي
أشفقتُ أن تَشْقَىْ وأن تألمي ... معي، فناشدتُكِ أن ترجعي
لكنْ أبى الحبُّ فلم تأثم ... وكان أن أَبْقَى، وتَبَقىْ معي!
أكانَ حُلْمَا أم قضاءً دعا؟ ... ماذا يُفيد العاشقين الحذرْ؟
شئنا فلم تقدرْ وعدنا معاً ... يا أختَ روحي ذاك حكم القدرْ!
لم ندَّخِرْ جهداً ولا أدمعاً ... ولا دماً، ما نحن إلاَّ بشرْ!!
ما أمجد الحبَّ وما أروعا ... إذا تحدى العاشقان الخطرْ!
الجبُّ ما زالَ، وهذا سناهُ ... يُلهبُ حتى الشعلةَ الخامدة