ولكن بواسطة التجربة والمشاهدة، وبتطبيقنا على الظواهر التي تشاهد أساليب المباحث المضبوطة، تلك الأساليب التي نحن مدينون لها بمعارفنا عن العالم المرئي المحسوس. هذا المباحث لا يجوز أن تبنى على التأكيدات التي صدرت عن هذا الوحي أو ذاك، بل يجب أن تؤسس ككل بحث على علمي بمعناه الصحيح، على تجارب يمكننا تكرارها اليوم؛ مؤملين أن نزيد عليها غدا، ويكون الدافع إليها هذه القضية وهي:(إذا كان يوجد عالم روحاني ظهر للناس في أي عهد كان، فيجب أن يكون كذلك قابلاً للظهور في أيامنا هذه) اهـ
ونحن نقول: هذا شرط العلم في قبول الأصول الاعتقادية، وهو شرط لا يجوز الاستخفاف به ولا إغفاله، لأن العلم آخذ في الانتشار بخطوات واسعة؛ وأساليبه المحررة، وآثاره الفاتنة، أثرت في العقول ابلغ تأثير، وانتشرت معها شبهات لم تدع محلا للعقيدة في العقول، وضعفت حجة الاعتقاديين أمام هذا التحدي ضعفاً ظهرت نتائجه في الجماعات، وخاصة في البلاد الشرقية، حيث ينتشر العلم، ويصر حفظة الدين على التغاضي مما يستنبعه هذا الانتشار من شيوع ما يلابسه من الشبهات.
وقد ظهرت لذلك آثار خلقية وأدبية لا يحسن السكوت عليها ولم هذا التعرض هذه المخاطر؟ فإذا كنا ننتظر خلاصاً منها باعتمادنا على أساليبنا القديمة، فقد دلت دلالة قاطعة على أنها منيت بالعجز عن وقف هذا التدهور السريع، فإذا كنا نتشبه بالغربيين في جميع أوضاعهم وأتجاهاتهم، فلم نقتصر في تقليدهم في وقف تيار هذا الانقلاب الخطير؟
أن العلم الأوربي يشتغل من نحو مائة سنة بمسألة الحياة الإنسانية على أسلوبه من التجربة والتمحيص وقد اهتدى إلى نتائج كانت غير منتظرة أثارت دهش العالم كانت مثاراً لحركة لم تحدث لاكتشاف قبلها، فاجتمعت لها مجامع علمية للدرس والتحقيق، وتألفت من أجلها مؤتمرات عامة في أوربا وأمريكا اجتمع فيها ألوف من الباحثين، وثارت بسببها مناقشات صحفية لم تثر لغيرها من المسائل العلمية، حتى وصل قادتها إلى نتائج فاقت كل ما كان يتخيله كبار العقول قبل هذا العهد القريب، إذ ثبت للباحثين فيها ثبوتاً علمياً قاطعاً لا يتطرق إليه ريب لابتنائه على التجارب العلمية، أن للإنسان روحاً مستقلة عن جسده استقلالاً تاماً، مما حمل العلماء المجربين أن يقولوا كما قال أحدهم وهو العلامة الفلكي