في (وفيات الأعيان): حكى أبو محمد إسماعيل بن موهوب الجواليقي (الأديب للغوي) وكان أنجب أولاده قال: كنت في حلقة والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر والناس يقرءون عليه، فوقف عليه شاب: وقال: يا سيدي قد سمعت بيتين من الشعر ولم أفهم معناهما وأريد أن تسمعهما مني وتعرفني معناها، فقال: قل، فأنشده:
فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة ... إن لم يزرني وبالجوزاء إن زارا
قال إسماعيل: فلما سمعهما والدي، قال: يا بني، هذا شيء من معرفة علم النجوم وسيرها لا من صنعة أهل الأدب. فأنصرف الشاب من غير حصول فائدة، واستحيا والدي من أن يسأل عن شيء ليس عنده منه علم، وقام وآلي على نفسه ألا يجلس في حلقته حتى ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر فنظر في ذلك وحصل معرفته ثم جلس.
ومعنى البيت المسئول عنه أن الشمس إذا كانت في آخر القوس كان الليل في آخر الطول لأنه يكون آخر فصل الخريف؛ وإذا كانت في آخر الجوزاء كان الليل في غاية القصر لأنه آخر فصل الربيع. فكأنه يقول: إذا لم يزورني فالليل عندي في غاية الطول، وإن زارني كان الليل عندي في غاية القصر.
٦١٤ - الأشراف والعقلاء تعجبهم الملح
في كتاب (التطفيل) للخطيب البغدادي أنشد محمد بن عمران قاضي المدين، وكان من أعقل من رئي من القرشيين:
يا أيها السائلُ عن منزلي ... نزلت في الخان على نفسي
يغدو على الخير من خابر ... لا يقبل الرهنَ ولا ينسى
آكل من كيسي ومن كسرتي ... حتى لقد أوجعني ضرسي
فقال لمنشدها: اكتبني هذه الأبيات فقال له، أصلحك الله، أن هذه لا تشبهك. فقال له: ويحك! أن الأشراف والعقلاء تعجبهم الملح.
٦١٥ - اسمع يا شيخ
قال أبن الباقرجي: بت ليلة متفكراً في قلة حظي من الدنيا فرأيت مغنياً يغني فالتفت إلي